العلاقات الصربية الكوسوڤية

العلاقات الصربية الكوسوڤية
Map indicating locations of Kosovo and Serbia

كوسوڤو

صربيا
البعثات الدبلوماسية
مكتب الاتصال الكوسوڤي، بلگرادمكتب الاتصال الصربي، پريشتينا
المبعوث
يتيش ياشاريديان پاڤيتشڤيتش

العلاقات الصربية الكوسوڤية، هي العلاقات الثنائية بين صربيا وكوسوڤو. من جانب واحد، أعلنت كوسوڤو استقلالها عن صربيا عام 2008، الأمر الذي رفضته صربيا. لا تعترف صربيا بكوسوڤو كدولة مستقلة وتواصل مطالبتها باعتبارها مقاطعة كوسوڤو ومتوهيا الذاتية. في البداية لم تكن هناك علاقات بين الاثنتين؛ ومع ذلك، في السنوات التالية كان هناك تزايد في الحوار والتعاون بين الجانبين.

أسفرت المفاوضات التي يسّرها الاتحاد الأوروپي عن اتفاقية بروكسل 2013 بشأن تطبيع العلاقات بين حكومتي كوسوڤو وصربيا. تعهد الاتفاق كلا الجانبين بعدم عرقلة الآخر في عملية الانضمام إلى الاتحاد الأوروپي، وحدد هيكل الشرطة والانتخابات المحلية في جميع أنحاء كوسوڤو، كما وضع اقتراح تجمع بلديات الصرب.

اتفقت المحادثات الدبلوماسية التي تمت بوساطة الولايات المتحدة على الترابط بين النقل الجوي والقطارات والطرق، بينما وقع الطرفان اتفاقية 2020 بشأن تطبيع العلاقات الاقتصادية. من المتوقع أن تصبح كوسوڤو وصربيا جزءًا من السوق الموحدة، المعروفة باسم منطقة البلقان المفتوحة.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ردود الفعل على الاستقلال


2008–2013


مفاوضات 2011

 
رئيسي الوفد الصربي والكوسوڤي يتصافحان أثناء المفاوضات المشتركة في يوليو 2011.

انتهت في مطلع يوليو 2011 الجولة الخامسة من المفاوضات الصربية الكوسوڤية التي تجرى في بروكسل تحت إشراف مباشر وحثيث للاتحاد الاوروپي بالتوصل الى ثلاث اتفاقيات، بينما لا تزال الجولات الأخرى خلال الشهور المقبلة تعد بالمزيد.

وكانت هذه المفاوضات بدأت في 8 مارس 2011 لتسجل مجرد «المصافحة التاريخية» بين رئيسي الوفدين اختراقاً ناجحاً للاتحاد الاوروبي لحل واحد من أعقد النزاعات في أوروبا. ومن المعروف أن النزاع الصربي - الألباني حول كوسوڤو يمتد عميقاً في التاريخ ويتداخل مع الدين والثقافة الشعبية ليتمحور حول الحق التاريخي بالارض ومكانة هذه الارض في الايديولوجيا القومية لكل طرف، كما أن هذا النزاع تسبب خلال القرن العشرين بحروب كانت آخرها حرب 1999 التي اعتبرت آخر حرب أوروبية.[1]

ولم يكن من السهل أن تثمر بسرعة مفاوضات كهذه مع التناقض التام في المواقف المبدئية للطرفين المتفاوضين. فصربيا لم تعترف حتى الآن باستقلال كوسوڤو المعلن في 17 فبراير 2008 وتقول انها لن تعترف أبداً به، ولكنها تحت ضغوط الاتحاد الاوروبي (الذي اعترفت 22 من دوله الـ 27 بهذا الاستقلال) والذي يطالبها بـ «التعاون الاقليمي» كشرط للانضمام اليه دخلت هذه المفاوضات بكل خبرتها الديبلوماسية المعروفة لتسير على حد السيف بين الاعتراف الواقعي الذي تريده بروكسل والاعتراف الديبلوماسي الذي لا تريده بلگراد. أما كوسوڤو فكانت تأمل من خلال هذه المفاوضات بأن تحصل على الاقل على «اعتراف واقعي» ولو مقابل بعض التنازلات.

وهكذا مع رئاسة روبرت كوبر مستشار كاثرين آشتون لجلسات المفاوضات ومتابعته الحثيثة لها خلال الشهور الخمسة تحولت هذه المفاوضات الى مدرسة في «فن التنازل المتبادل» بين الطرفين والى استعراض المكتسبات في بلگراد وبريشتينا لاحتواء المعارضة هنا وهناك. فقد أصرت صربيا على أن يشار الى هذه المفاوضات على أنها بين «بلگراد وبريشتينا» وليس بين «صربيا وكوسوڤو» لكي تنزع عنها صفة التفاوض بين كيانين سياسيين. ومن ناحية أخرى، اتفق منذ البداية على أنه ليس المطلوب الاعتراف الدبلوماسي بين الطرفين، وإن كانت هذه المفاوضات ستؤدي الى نوع من الاعتراف الواقعي على نمط ما كان موجوداً بين ألمانيا الغربية وألمانيا الشرقية في السنوات الاخيرة للحرب الباردة. وفي هذا السياق، ولتجنب ذكر الاسماء وما تمثله لكل طرف، تم الاتفاق على ألا يتم التوقيع على الاتفاقيات التي ستتمخض عنها المفاوضات، بل إنها ستسمى «خلاصات» يقوم بكتابتها رئيس الجلسات (روبرت كوبر) ويوجهها مطبوعة على الورق الى كل طرف لكي يلتزم بها تحت مراقبة ومتابعة الاتحاد الاوروبي لما يتم الاتفاق عليه.

وكان الهدف الأساسي لهذه المفاوضات هو التوصل الى حلول عملية لمعاناة السكان هنا وهناك بعد حرب 1999 وإعلان استقلال كوسوڤو، وذلك استجابة لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر 2010 الذي جاء بدوره نتيجة لقرار محكمة العدل الدولية في تموز 2010 الذي كان لمصلحة اعلان الاستقلال الكوسوفي. ومن هنا بدأت المفاوضات حول حزمة كبيرة من المواضيع التي تمس الحياة اليومية للمواطنين في صربيا وكوسوڤو (التنقل بين البلدين والاتصالات والطاقة... الخ) .

وفي هذا السياق جاء الاعلان عن الاتفاقيات الاولى ليوضح «عظمة» الانجازات الاولى لكونها تجمع بين فن التنازل على الطاولة في بروكسيل وفن تسويقها في بلگراد وبريشتينا لاحتواء المعارضة الناقمة هنا وهناك!

وتضمنت الاتفاقية الاولى تنقل المواطنين بين البلدين، حيث أصبح في وسع الكوسوفيين دخول صربيا بالهوية وليس بجواز السفر (كما كانت تريد بريشتينا)، حيث يعطى حامل الهوية عند الحدود الصربية بطاقة بالمعلومات المأخوذة من الهوية يمكن معها التجول في صربيا أو عبور صربيا الى دولة ثالثة (كرواتيا وهنغاريا ورومانيا... الخ) حيث يستخدم الكوسوفي جواز سفره لدخول تلك الدولة. أما الاتفاقية الثانية فتضمنت لوحات السيارات الكوسوفية التي تحمل رمز «ج ك» (جمهورية كوسوڤو)، اذ توجب الاتفاقية على مالكي هذه السيارات أن ينزعوا هذه اللوحات عن السيارات ويأخذوا لوحات موقتة يتجولون فيها أو يعبرون صربيا الى دولة أخرى. وأما الاتفاقية الثالثة فتناولت سجلات النفوس الكوسوفية التي كانت السلطات الصربية أخذتها معها خلال رحيلها عن كوسوڤو في يونيو 1999. وكانت بريشتينا تصرّ خلال السنوات السابقة على استرداد هذه السجلات التي كان وجودها في بلگراديمثل تحدياً للدولة المستقلة الجديدة، بينما وافقت بريشتينا الآن على أن تأخذ نسخة طبق الاصل على أن يبقى الاصل في بلگراد.

وعلى رغم أن هذه الاتفاقيات تتضمن تنازلات واضحة، وبخاصة من الطرف الكوسوفي، إلا أن رئيس كل وفد عاد الى بلاده ليزف الى شعبه «المكتسبات» التي حققها في بروكسيل. وهكذا فقد قالت أديتا طاهري رئيسة الوفد الكوسوفي مع عودتها الى بريشتينا في مقابلة مع التلفزيون الحكومي ان هذه الاتفاقيات «تمثل الخطوة الاولى نحو اعتراف صربيا بكوسوڤو». ولكن رئيس الوفد الصربي بوريسلاف ستيفانوفيتش أكد في المقابل ان هذه الاتفاقيات «لا تمس في أي شكل سيادة صربيا» على كوسوڤو، بل إنه أكد أن السلطات الصربية الموازية التي لا تزال تعمل في كوسوڤو ستبقى هناك.

وفي المقابل، كانت المعارضة في صربيا وكوسوڤو في حال غليان ضد الاتفاقيات المعلنة باعتبارها تمثل «تنازلات خطيرة». وهكذا جاء الرد الاعنف في صربيا من طرف فويسلاف كوشتونيتسا، رئيس الوزراء السابق ورئيس الحزب الديموقراطي الصربي الذي فاز على ميلوشيفيتش في انتخابات 2000، اذ صرح بأن «سلطات صربيا الحالية التي أيدت انفصال جزء من أراضينا (كوسوڤو) لعبت بثقة كل الدول التي رفضت الاعتراف باستقلال كوسوڤو ووجهت ضربة قوية لمصالح صربيا». ومن ناحية أخرى، وجه وزير الخارجية الكوسوفي السابق اسكندر حسيني، والنائب الآن في البرلمان عن حزب الرابطة الديموقراطية، انتقاداً قوياً للاتفاقيات المعلنة بكونها لا تمثل اتفاقيات بين دولتين. وفي هذا السياق انتقد بشدة هذه الاتفاقيات الحزبان الآخران المعارضان («حركة تقرير المصير» و «التحالف لأجل مستقبل كوسوڤو») لأن الحكومة الكوسوفية لم تكن تتمتع بتفويض كامل من البرلمان الكوسوفي.

ومع ذلك يمكن القول إن كلاً من بلگراد وبريشتينا تتوقع الكثير من بروكسيل بعد التوصل الى هذه الاتفاقيات التي ستليها أخرى عن سجلات الاراضي والطاقة والاتصالات... الخ. فبلگراد بعد تسليم راتكو ملاديتش لم يعد أمامها من عقبة سوى كوسوڤو تحت عنوان «التعاون الاقليمي» لتحصل في خريف 2011 على وضعية دولة مرشحة للانضمام الى الاتحاد الاوروبي، وربما تحصل أيضاً على تحديد موعد لبدء المفاوضات للانضمام الى الاتحاد. أما بريشتينا فتأمل بدورها في تحقيق أول انجاز للاقتراب من الاتحاد الاوروبي، ألا وهو دخولها في نظام الشنغن الذي يتيح لمواطنيها حرية التنقل في أوروبا، بعد أن سبقتها صربيا ومقدونيا والجبل الاسود والبوسنة وألبانيا. ومن هنا لم تكن مصادفة أن يصرح رئيس الوزراء الهنغاري فكتور اوربان الذي تسلمت بلاده لتوّها الرئاسة الدورية للاتحاد الاوروبي، بعد ثلاثة أيام من الاعلان عن الاتفاقيات المنجزة بين بلگراد وبريشتينا بأنه يدعم بدء الحوار مع كوسوڤو حول «تحرير التأشيرات».

ولكن بريشتينا تراهن أكثر على صعيد العالم بالحصول على مزيد من الاعتراف الدولي بها بعد هذا «الاعتراف الواقعي» بها من طرف بلگراد. ومن هنا لم تكن مصادفة أن يدعو مؤتمر وزراء خارجية «منظمة التعاون الاسلامي» (الاسم الجديد لـ «منظمة المؤتمر الاسلامي»، الذي عقد في الاستانة بعد الاعلان في بروكسيل عن هذه الاتفاقيات بين صربيا وكوسوڤو، الدول الاعضاء التي لم تعترف بعد، الى الاعتراف باستقلال كوسوڤو، وذلك في أقوى موقف للمنظمة حتى الآن.

2013–المفاوضات الحالية

اتفاقية بروكسل 2013

تجمع البلديات الصربية

 
بلديات كوسوڤو كما هي منظمة من قبل جمهورية كوسوڤو



حادث قطار 2017

اعتقال كوسوڤو للسياسي الصربي 2018

العقوبات التجارية (2018–2020)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

رحلات بلگراد-پريشتينا

الطاقة

محادثات سبتمبر في بروكسل

توترات يوليو 2022


لم يعد الغرب وحيداً في منطقة البلقان. صارت ساحة صراع بين القوى الكبرى، لا سيما أنها بوابة جنوب أوروپا بالنسبة لروسيا. تعهدت موسكو بمنع انضمام المزيد من دول غرب البلقان إلى الناتو. وبينما يتجه كل طرف إلى قطبٍ مختلف في العالم، تزداد المخاوف من حرب وشيكة في القارة الأوروبية، لكن لمصلحة من ذلك؟

منذ وصول ڤلاديمير پوتن إلى السلطة، بدأ في إعادة بناء تحالفاته مع الحلفاء السابقين للإتحاد السوڤيتي، بما في ذلك الصرب. ومع الوقت، أصبحت صربيا قاعدة متقدمة لروسيا في أوروپا حتى أن بلگراد نظمت احتجاجات تُندد بالعقوبات الغربية ضد روسيا، غداة حرب أوكرانيا. تتمتع صربيا بعلاقات قوية مع القوميين الصرب في البوسنة والهرسك ويمكن أن تؤثر عليهم لزعزعة استقرار البوسنة وهذا ما حدث. كما لدى بلگراد مشكلة مع اقليم كوسوڤو المنشق عنها عكس ارادتها والتي تواجه أيضاً مشكلة قديمة جديدة معه لا يمكن فصلها عن مسار التطورات التي أفرزتها حرب أوكرانيا. تاريخياً، وتحديداً خلال الحقبة السوڤيتية، كان الاتحاد اليوغوسلاڤي جزءاً من المعسكر الشرقي (حلف وارسو) بقيادة الاتحاد السوڤيتية. وعقب انهيار الأخير، في مطلع التسعينيات، سار الاتحاد اليوغسلاڤي على الطريق إياه. حرب مدمرة مزقت يوغوسلاڤيا وجعلتها دويلات متصارعة. إرتكبت مجازر مروعة إضافةً إلى تشريد الملايين من السكان، وانتهت تلك الحرب بتدخل حلف شمال الأطلسي (الناتو) الذي دك العاصمة الصربية بلغراد ما سمح بظهور دول جديدة منها البوسنة والهرسك التي تكونت من أقليات كبيرة كالمسلمين البوشناق، الصرب الأرثوذكس، والكروات الكاثوليك، الذين توافقوا على تقاسم السلطة من خلال مجلس رئاسي ثلاثي لقيادة البوسنة والهرسك.[2]

  بعد شهر من الغزو الروسي لأوكرانيا، هدّد السفير الروسي في سراييڤو إيگور كالپوخوڤ البوسنة والهرسك بمصير أوكرانيا نفسه إذا قررت سراييفو الانضمام إلى حلف الناتو، وهذا التهديد جاء قبل موافقة تركيا على انضمام السويد وفنلندا إلى الحلف، وهذا يعني أن التهديد الروسي أصبح الآن أكثر جدية.  

بدأت التوترات بين صرب البوسنة وباقي المكونات في منتصف عام 2021 عندما رفض ميلوراد دوديك، العضو الصربي في الرئاسة الثلاثية للبوسنة، تجريم إنكار الإبادة الجماعية في التسعينيات. كما هدد دوديك بانفصال جمهورية صربسكا والمقصود بها صرب البوسنة، فكان أن تحركت الجمعية الوطنية لجمهورية صربسكا للانسحاب من مؤسسات القضاء والأمن والدفاع في البوسنة، إضافةً إلى تهديد دوديك بطرد القوات المسلحة البوسنية من جمهورية صربسكا، الأمر الذي دفع مندوب البوسنة لدى الأمم المتحدة للمطالبة بتدخل دولي لمنع تفكك البلاد، وخرج دوديك مهدداً بأن أي تدخل غربي سيقابل بتدخل من حلفاء صربيا. وهذا يعني تحويل البلاد إلى ساحة معركة بين الروس وحلف شمال الأطلسي، وهذا ما أضاف شبحاً جديداً يلقي بظله الثقيل على أوروپا المُربكة في التعامل مع ملف الحرب الروسية ـ الأوكرانية. بعد شهر من الغزو الروسي لأوكرانيا، هدّد السفير الروسي في سراييڤو إيگور كالپوخوڤ البوسنة والهرسك بمصير أوكرانيا نفسه إذا قررت سراييڤو الانضمام إلى حلف الناتو، وهذا التهديد جاء قبل موافقة تركيا على انضمام السويد وفنلندا إلى الحلف، وهذا يعني أن التهديد الروسي أصبح الآن أكثر جدية، ذلك أن الروس لن يتساهلوا مع انضمام المزيد من دول الجوار إلى حلف شمال الأطلسي، خاصة في دولة يملكون نفوذاً وازناً فيها مثل البوسنة. بالمقابل، قال رئيس الوزراء البريطاني المستقيل بوريس جونسون، إنه لا يمكننا أن نسمح لغرب البلقان بأن يصبح ملعباً جديداً للرئيس الروسي ڤلاديمير پوتن، مؤكداً أن بلاده سترسل خبراء عسكريين إلى غرب البلقان لمواجهة ما أسماه النفوذ الروسي هناك. جمهورية صربسكا، إحدى المنطقتين المستقلتين اللتين تشكلان البوسنة والهرسك وتغطي حوالي نصف أراضي البلاد، يقودها ميلوراد دوديك منذ 12 عاماً تقريباً وهو من دعاة الانفصال عن البوسنة والهرسك. وتمر بعض أكبر الاستثمارات الروسية عبر جمهورية صربسكا. كما أن شركة گازپروم نفط إشترت شركة الصناعات البترولية الصربية مقابل 450 مليون دولار. في مقابل هذا الاتفاق، استخدمت روسيا حق النقض في مجلس الأمن لمنع استقلال كوسوڤو عن صربيا، التي تعتبرها جزءاً لا يتجزأ من أراضيها. على الورق، يضمن الاتحاد الأوروپي وحلف شمال الأطلسي السلام في البوسنة والهرسك، لكن هذا لا يحدث على أرض الواقع، وقد حاول كلاهما التغلب على هذه الأزمة من خلال مضاعفة عدد قوات حفظ السلام في البوسنة، لكنها تبقى قوة قليلة العدد مع استمرار حالة عدم الاستقرار الداخلي والتي ظهرت بعدة أشكال، كالقيام بتدريبات عسكرية في مناطق جغرافية حساسة قامت بها بعض وحدات الشرطة الصربية، وتنظيم احتفالات بيوم الاستقلال لجمهورية صربسكا الذي يحظرها القانون الاتحادي لجمهورية البوسنة والهرسك، وسن قوانين انفصالية من قبل برلمان جمهورية صربسكا تمهد الطريق للإنفصال عن المؤسسات المركزية. الأمر المخيف في هذا السيناريو هو أن الانقسام في واحدة من أكثر الدول تسليحاً في أوروپا على صعيد السكان سيكون مكتوباً بالدم والدمار ويمكن أن يجر البوسنة والهرسك إلى حرب أهلية دموية. يأتي ذلك في وقت تخلت فيه البوسنة والهرسك عن كل أمل في الانضمام إلى الاتحاد الأوروپي أو الناتو كطريقة أخيرة للبقاء موحدة، لكن الحرب في أوكرانيا غيّرت المعادلة.

وفي المقلب الآخر من البلقان الصربي، اشتدت الحماوة بين صربيا المدعومة من موسكو واقليم كوسوڤو التي تصفه بلگراد بانه صنيعة واشنطن وحلف شمال الاطلسي، والمشكلة الرئيسية تأتي من وجود الناتو في كوسوڤو الذي تعادل مساحته مساحة لبنان (10800 كم²). فقد خرجت تقارير من روسيا تؤكد وجود الناتو في الإقليم من خلال قوات حفظ السلام في المنطقة، وهو ما لم ينفه أي من الطرفين. وجاء بيان رسمي للناتو ليؤكد وجود قوات له في الإقليم بعد أن قال الحلف إن الوضع الأمني في شمال كوسوفو متوتر وأكدت تقارير غربية أن بعثة الناتو يصل تعدادها إلى 3770 جنديا يتحركون بعنوان قوات حفظ السلام في كوسوڤو. الخلاف بين الجانبين ليس الأول من نوعه. إقليم كوسوڤو الذي تتكون الأغلبية الساحقة فيه من السكان الألبان، انفصل عن صربيا في عام 1999 وأعلن الاستقلال رسمياً في عام 2008. ومع ذلك، استمرت صربيا تعتبر كوسوفو جزءاً من أراضيها، خاصة في ظل وجود أقلية صربية في المنطقة. يوجد حوالي 50 ألف صربي في شمال البلاد وما زالوا يستخدمون الوثائق الصربية ويرفضون الاعتراف بالمؤسسات التابعة لكوسوڤو. على الرغم من اتفاق السلام الموقع بين البلدين في عام 2013 الذي ظل حبراً على ورق إذ أن بلگراد ما زالت تعتبر بريشتينا جزءاً من أراضيها، وتدعم الأقليّة الصربية في كوسوڤو.

  قد يكون البلقان ساحة خصبة للصراع. وفي هذا الصدد، تقول الأكاديمية الروسية إيكاترينا إنتينا:"مساعدة روسيا الآن لصربيا غير واردة حالياً لا سيما في ظل الهجوم الاوكراني المضاد في خيرسون ومناطق اخرى، بالإضافة إلى تعزيز الوجود في الأراضي التي تمت السيطرة عليها في الدونباس. وتالياً لن يساعد أحد بلغراد".  

وبرغم التهدئة الشكلية في الاقليم نتيجة جهود تركية أوروپية روسية، فان الكثير من المؤشرات تشي بأنّها هدنة مؤقّتة حيث تعلن قيادات الأطلسي أنّها مستعدّة لدخول كوسوڤو إذا ما تعرّض الاستقرار فيها للخطر، خصوصاً أنّ الرئيسة الكوسوڤيّة ڤيوزا عثماني تتهم روسيا ببذل جهود حثيثة من أجل زعزعة استقرار غرب البلقان بكامله، وهو ما دفع موسكو إلى تحميل بريشتينا مسؤولية زيادة التوتّر بسبب القواعد التمييزية التي لا أساس لها، التي تفرضها سلطات كوسوفو على الصرب في الشمال. السبب الحقيقي، كما يرى البعض، هو زيارة رئيسة كوسوڤو ڤيوزا عثماني إلى العاصمة الأمريكية وإجتماعها بنظيرها الأمريكي جو بايدن ومطالبتها له بدعم جهود انضمام بلادها إلى حلف شمال الأطلسي والمجموعة الأوروپية، باعتبار أنّ هذا الانضمام فرصة استراتيجية لمواجهة التهديد الروسي. لكنّ أسباباً كثيرة، سياسية وأمنيّة وعرقية، تجعل النار مختبئة تحت الرماد في بقعة جغرافية يصعب العيش المشترك فيها بين أقلّيّات دائمة التناحر.. تاريخياً. أوروبا تقول انها تبذل جهوداً كبيرة لمنع إشتعال النيران في البلقان، وتتهم موسكو بانها تنوي إشعال شرارة الحرب خصوصاً مع رغبة الناتو في الافادة من مزايا هذه البلدان وضمها للحلف ومنها البوسنة والهرسك، وفي مقابل ذلك تحتاج بلگراد إلى روسيا للبقاء في قلب المشهد البلقاني. كما أن موسكو تتهم الغرب بانه يسعى الى تشتيت القوّة الروسية وإقحامها في أكثر من جبهة توتّر عسكري وسياسي واقتصادي. بهذا المعنى، قد يكون البلقان ساحة خصبة للصراع. وفي هذا الصدد، تقول الأكاديمية الروسية ايكاترينا إنتينا: مساعدة روسيا الآن لصربيا غير واردة حالياً لا سيما في ظل الهجوم الاوكراني المضاد في خيرسون ومناطق اخرى، بالإضافة إلى تعزيز الوجود في الأراضي التي تمت السيطرة عليها في الدونباس. وتالياً لن يساعد أحد بلگراد. هذا الوضع يمنح الغرب ورقتين رابحتين: الأولى، القول إن الروس تخلوا عنكم، والثانية، الترويج لفكرة أنه لو لم تكن هناك أوكرانيا، لما خسرت صربيا كوسوڤو. وأياً كانت الاحتمالات، فان اسم البلقان يجسد قلقا في الذاكرة الجماعية الأوروپية والعالمية نظراً لتاريخ هذه المنطقة المثقل بالحروب والاوجاع والآلام.. والدماء.


الأقليات




انظر أيضاً



. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

المصادر

  1. ^ محمد م. الارناؤوط (2011-05-10). "أولى الاتفاقات بين صربيا وكوسوڤو: فن التنازل واستعراض المكتسبات". دار الحياة اللبنانية. Retrieved 2011-07-14.
  2. ^ "البلقان.. برميل بارود". 180 پوست. 2022-08-11. Retrieved 2022-08-16.