أخبار:فائزان بنوبل الكيمياء لتطويرها التحفيز العضوي

في 6 أكتوبر 2021، منحت الأكاديمية الملكية السويدية للعلوم جائزة نوبل للكيمياء 2021 إلى الكيميائي الألماني بنيامين ليست ليست بالمناصفة مع البريطاني ديڤد ماكميلان "لطوير التحفيز العضوي الغير متماثل. وحصل ليست وماكميلان على الجائزة لتطويرهما أداة جديدة دقيقة للبناء الجزيئي، في عملية أُطلق عليها "التحفيز العضوية"، وكان لهذا العمل أثر كبير على الأبحاث الدوائية، حيث جعل الكيمياء أكثر أمناً على البيئة. وأوضحت الأكاديمية الملكية السويدية للعلوم في بيانها: "يمكن استخدام المحفزات العضوية لتحريك العديد من التفاعلات الكيميائية. وباستخدام هذه التفاعلات، يمكن للباحثين الآن بناء أي شيء بكفاءة أكبر، من الأدوية الجديدة إلى الجزيئات التي يمكنها التقاط الضوء في الخلايا الشمسية".[1]

وتحتوي المحفزات العضوية على بنية ذرة كربون مستقرة يمكن ربط مجموعات كيميائية أكثر نشاطا بها. وعادة ما تحتوي على عناصر مشتركة مثل الأكسجين والنيتروجين والكبريت أو الفوسفور. وهو ما يعني أن هذه المحفزات صديقة للبيئة وذات تكلفة رخيصة.

أهمية المحفزات

تعتمد العديد من مجالات البحث والصناعات على قدرة الكيميائين على بناء جزيئات قادرة على تكوين مواد مرنة ومتينة، أو تخزين الطاقة في البطارايت أو منع تطور الأمراض أو جزيئات تساهم في صناعة أحذية جري خفيفة الوزن. يتطلب هذا العمل محفزات، والمحفزات هي مواد تتحكم في التفاعلات الكيمائية وتسرع من وتيرتها، دون أن أن تصبح جزءاً من المخرج النهائي للتفاعل الكيميائي، فمثلاً، تقوم المحفزات في السيارات بتحويل المواد السامة في أبخر العادم إلى جزيئات غير ضارة.[2]

يحتوي جسم الإنسان على آلاف المحفزات على شكل إنزيمات، والتي تشكل الجزيئات الضرورية للحياة. بالتالي، فإن المحفزات هي أدوات أساسية للكيميائيين، لكن اعتقد الباحثون منذ فترة طويلة بوجود نوعان فقط من المحفزات المتاحة وهي المعادن والإنزيمات. حصل ماكميلان وليست على جائزة نوبل في الكيمياء 2021 لقيامهما في عام 2000، بشكل مستقل عن بعضهما البعض، بتطوير نوعاً ثالثاً من التحفيز، وهو "التحفيز العضوي غير المتماثل، والذي يعتمد على جزئيات عضوية صغيرة.

يرجع التوسع السريع في استخدام المحفزات العضوية بشكل أساسي إلى قدرتها على تنشيط التحفيز غير المتماثل، عندما يتم بناء الجزئيات، غالباً ما يتشكل جزيئين مختلفين متطابقين. غالباً ما يرغب الكيميائيون في إحدى هاتين الصورتين فقط، خاصة عند إنتاج الأدوية.

تطور التحفيز العضوي بسرعة كبيرة منذ عام 2000. وظل بنيامين ليست وديڤد ماكميلان رائدين في هذا المجال، وأطهروا أنه يمكن استخدام المحفزات العضوية لتحريك العديد من التفاعلات الكيميائةي، باستخدام هذه التفاعلات، يمكن للباحثين الآن بناء أي شيء بكفاءة أكبر من أدوية جديدة إلى جزيئات قادرة على التقاط الضوء في الخلايا الشمسية، وبهذه الطريقة، حققت المحفزات العضوية فائدة كبرى للبشرية.

الإنزيمات .. أقدم المحفزات الطبيعية

إذا قارنا قدرة الطبيعة على بناء إبداعات كيميائية مع قدرتنا الخاصة سنكتشف أننا علقنا لفترة طويلة في العصر الحجري. أنتج التطور عبر ملايين السنين أدوات دقيقة ومذهلة، هي الإنزيمات، تلك الإنزيمات قادرة على المساهمة في بناء المركبات الجزيئية التي تعطي الحياة أشكالها وألوانها ووظائفها. عندما بدأ الكيميائيون في ربط هذه التحف الكيميائية، نظروا إليها بإعجاب وذهول. كانت المطارق والأزاميل في صناديق أدواتهم للبناء الجزيئي بدائية وغير دقيقة، لذلك غالباً ما انتهت محاولاتهم في نسخ منتجات الطبيعة إلى الكثير من المنتجات الثانوية غير المرغوب فيها.

أدى الاكتشاف الذي حصل على جائزة نوبل في الكيمياء 2021 إلى الارتقاء بالبناء الجزيئي إلى مستوى جديد، فهو لم يجعل الكيمياء أكثر أمناً للبيئة فحسب، بل سهل أيضاً إنتاج جزيئات غير متماثلة عبر التحفيز العضوي غير المتماثل. ذلك المفهوم الذي طوره بنيامين ليست وديفيد ماكميلان بسيط بقدر ما هو رائع. الحقيقة هي أن الكثير من الناس تساءلوا لماذا لم نفكر في الأمر من قبل؟ ليس من السهل الإجابة عن هذا السؤال، ولكن قبل أن نحاول، نحتاج إلى إلقاء نظرة سريعة على التاريخ.

ما هو التحفيز والمحفز

عام 1835، بدأ الكيميائي السويدي الشهير جاكوب برزيليوس في رؤية تلك الأنماط. في التقرير السنوي للأكاديمية الملكية السويدية للعلوم الذي يصف أحدث تقدم في الفيزياء والكيمياء، نص على اكتشاف "قوة" جديدة يمكنها "توليد نشاط كيميائي"، وسرد التقرير العديد من الأمثلة التي أدى فيها وجود مادة ما إلى بدء تفاعل كيميائي معين، موضحاً كيف بدت هذه الظاهرة أكثر شيوعاً مما كان يعتقد سابقاً. كان يعتقد أن المادة لها قوة محفزة وأطلق على الظاهرة نفسها محفزاً.

سرعة المحفزات في إنتاج اللدائن والعطور والأطعة ذات النكهات حيث مرت كميات كبيرة من المواد عبر ماصات الكيميائيين منذ زمن برزيليوس. لقد اكتشفوا عدداً كبيراً من المحفزات القادرة على تكسير الجزيئات أو ضمها معاً. بفضل هذه المحفزات، تمكنا كبشر من استخراج آلاف المواد المختلفة التي نستخدمها في حياتنا اليومية، مثل الأدوية واللدائن والعطور والنكهات الغذائية.

المعادن كمحفزات

تشير التقديرات إلى أن 35% من إجمالي الناتج المحلي العالمي يتضمن بطريقة ما التحفيز الكيميائي، من حيث المبدأ، تنتحي جميع المحفزات المكتشفة قبل عام 2000 إلى إحدى مجموعتين: المعادن أو الإنزيمات.

غالباً ما تكون المعادن محفزات ممتازة لأنها تتمتع بقدرة خاصة على استيعاب الإلكترونات مؤقتاً أو تزويدها بجزيئات أخرى أثناء العملية الكيميائية. يساتعد هذا في فك الروابط بين الذرات في الجزيء، لذلك يمكن كسر الروابط القوية، ثم تشكيل روابط جديدة. ومع ذلك، هناك مشكلة واحدة في بعض المحفزات المعدنية، وهي أنها حساسة للغاية للأكسجين، والماء. لذلك، يحتاج الكيميائيون إلى بيئة خالية من الأكسجين والرطوبة للعمل بالمعادن. ويصعب تحقيق ذلك في الصناعات الكبيرة بالطبع. كما أن العديد من المحفزات المعدنية عبارة عن معادن ثقيلة قد تسبب ضرراً بالبيئة.

المحفزات العضوية

على الجانب الآخر، تعمل المحفزات الحيوية بدقة مذهلة، تتكون المحفزات العضوية تلك من البروتينات، ويطلق عليها "الإنزيمات". تحتوي جميع الكائنات الحية على آلاف الإنزيمات المختلفة التي تحرك التفاعلات الكيميائية الضرورية للحياة داخل الجسم. العديد من الإنزيمات متخصصة في التحفيز غير المتماثل، وتشكل دائماً صورة مرآة واحدة من الصورتين الممكنتين للمركب. كما تعمل تلك المحفزات العضوية جنباً إلى جنب في تناغم رائع. فعندما ينتهي إنزيم من التفاعل، يتولى إنزيم آخر المهمة. وبهذه الطريقة، يمكن للمحفزات العضوية بناء جزيئات معقدة بدقة مذهلة، مثل الكوليسترول أو الكلوروفيل، أو سم الإستركنين، وهو أحد الجزئيات المعقدة للغاية.

نظراً لأن الإنزيمات عبارة عن محفزات فعالة، فقد حاول الباحثون في التسعينيات تطوير متغيرات إنزيمية جديدة لدفع التفاعلات الكيميائية التي تحتاجها البشرية. إحدى المجموعات البحثية التي تعمل على هذا كان مقرها معهد سكريپس للأبحاث في جنوب كاليفورنيا وكان بقيادة كارلوس يارباس الثالث. كان بنيامين ليست في منصب ما بعد الدكتوراه في مجموعة يارباس البحثية. ولدت عند بنيامين ليست حينها تلك الفكرة الرائعة التي أدت إلى الاكتشاف الذي حاز به جائزة نوبل للكيمياء 2021.

مساهمات بنيامين ليست

عمل بنيامين ليست على الأجسام المضادة التحفيزية. ترتبط تلك الأجسام المضادة بالفيروسات أو الجراثيم الغريبة في الجسم. عمل الباحثون في معهد سكيبس على إعادة تصميم تلك الأجسام حتى يتمكنون من إحداث تفاعلات كيميائية بدلاً من الارتباط بالأجسام الغريبة. أثناء عمل بنيامين مع الأجسام المضادة المحفزة، بدأ في التفكير في كيفية عمل الإنزيمات بالفعل. عادة ما تكون جزيئات ضخمة مبنية من مئات الأحماض الأمينية. بالإضافة إلى هذه الأحماض الأمينية، تحتوي نسبة كبيرة من الإنزيمات أيضاً على معادن تساعد في دفع العمليات الكيميائية. لكن- وهذه هي النقطة- تشارك العديد من الإنزيمات في تفاعلات كيميائية تحفيزية دون مساعدة المعان. إذ تتم التفاعلات عبر حمض أميني واحد أو عدد قليل من الأحماض الأمينية الفردية في الإنزيمات.

كان سؤال بنيامين العبقري هو هل يجب أن تكون الأحماض الأمينية جزءاً من الإنزيم لتحفيز تفاعل كيميائي ما؟ أو هل يمكن لحمض أميني واحد أو جزئيات بسيطة أخرى مماثلة القيام بنفس الوظيفة.

كان يعلم أن هناك بحثاً من أوائل التسعينيات استخدم حمض أميني يسمى البرولين كمحفز- لكن حدث هذا قبل أكثر من 25 عاماً من سؤاله. لكن إذا كان البرولين حافزاً فعالاً، فربما استمر شخص ما في العمل عليه؟ اعتقد بنيامين ليست أن السبب وراء عدم استمرار أي شخص في دراسة الظاهرة هو أنها لم تعمل بشكل جيد. دون أي توقعات حقيقية، اختبر بنيامين ما إذا كان البرولين يمكن أن يحفز تفاعل ألدول، حيث تربط ذرات الكربون جزيئين مختلفين معاً. لقد كانت محاولة بسيطة، ولكنها نجحت على الفور.

لم يكتشف ليست أن البرولين عامل محفز فعال فحسب كسابقه، بل أظهر أيضاً أن هذا الحمض الأميني يمكن أن يؤدي إلى تحفيز غير متماثل. من بين صورتي المرآة المحتملتين، كانت تتشكل إحداهما أكثر من الأخرى. وعلى عكس أولئك الذين اختبروا البرولين سابقاً كمحفز، أدرك بنيامين الإمكانات الهائلة التي يمكن أن تمتلكها تجربته. بالمقارنة مع كل من المعادن والإنزيمات، يعتبر البرولين أداة مثالية للكيميائيين. فالبرولين جزيء بسيط للغاية ورخيص وصديق للبيئة. عندما نشر بحثه في فبراير 2000، وصف بنيامين التحفيز غير المماثل مع الجزيئات العضوية كمفهوم جديد لديه العديد من الفرص المستقبلية، ولم يكن وحده في هذا الرأي. ففي مختبر بعيد في شمال كاليفورنيا، كان ديڤد ماكميلان يعمل أيضاً لتحقيق نفس الهدف.

ماكميلان والمحفزات العضوية

قبل عامين، انتقل ديڤد ماكميلان من جامعة هارفرد إلى جامعة كاليفورنيا، بركلي. عمل ماكميلان في هارفرد على تحسين التحفيز غير المتماثل باستخدام المعادن. كان مجالاً جاذباً للكثير من الباحثين، لكن ديڤد ماكميلان لاحظ كيف أن المحفزات التي تم تطويرها نادراً ما تستخدم في الصناعة. بدأ ماكميلان يفكر في السبب، وافترض أن المعادن الحساسة كانت بكل بساطة صعبة للغاية ومكلفة للاستخدام.

كما فعل بنيامين، عرف ماكميلان أن تحقيق الظروف الخالية من الأكسجين والرطوبة التي تتطلبها بعض المحفزات المعدنية أمر بسيط في المختبر، ومعقد في الصناعة. فاستنتج أن تلك الأدوات الكيميائية التي يطورها تحتاج إلى إعادة تفكير كي تكون مفيدة صناعياً. لذلك، عندما انتقل إلى بركلي، ترك المعادن خلف ظهره، وبدأ في التفكير في تطوير شكل أبسط من المحفزات بدلاً من المعادن. بدأ ماكميلان في تصميم جزئيات عضوية بسيطة- تماماً مثل المعادن- قادرة على توفير الإلكترونيات أو استيعابها مؤقتاً. والجزئيات العضوية هي الجزئيات التي تبني كل الكائنات الحية. ولدى تلك الجزئيات هيكل ثابت من ذرات الكربون. ترتبط المجموعات الكيميائية بهيكل الكربون، وغالباً ما يحتوي على الأكسجين أو النيتروجين أو الكبريت أو الفسفور.

أيون الإيمينيون

تتكون الجزئيات العضوية من عناصر بسيطة ومشتركة، ولكن يعتمد اختلافها على كيفية تجميعها معاً. يترتب على ذلك الاختلاف الكبير في الخصائص المعقدة. وفق معرفة ماكميلان بالكيمياء، أدرك أنه لكي يحفز الجزيء العضوي التفاعل الذي يرغب فيه، يجب أن يصبح قادراً على تكوين "أيون إيمينيون" يحتوي أيون الإيمينيوم على ذرة نيتروجين وذرة النترجوين محبة للإلكترونات. اختار ماكميلان العديد من الجزئيات العضوية ذات الخصائص الصحيحة، ثم اختبر قدرتها على تحفيز تفاعل ديلز-أدلر. يستخدم الكيميائيون تفاعل دايلز-أدلر لبناء حلقات من ذرات الكربون.

وكما كان يأمل ماكميلان ويعتقد، عمل التفاعل بشكل رائع، عملت بعض الجزئيات العضوية بشكل ممتاز أيضاً في التحفيز غير المتماثل، فمن بين صورتين محتملتين، ظهرت إحداهما بأكثر من 90% من المنتج. وبذلك تمكن ماكميلان أيضاً من تحقيق التحفيز العضوي الغير متماثل. أدى اكتشاف ماكميلان مع اكتشاف ليست لفوزهما بجائزة نوبل في الكيمياء 2021.


صياغة مصطلح التحفيز العضوي

عندما استعد ديڤد ماكميلان لنشر نتائجه، أدرك أن مفهوم التحفيز الكيميائي الذي اكتشفه يحتاج إلى اسم. نجح الباحثون سابقاً في تحفيز التفاعلات الكيميائية باستخدام جزيئات عضوية صغيرة، لكن تلك كانت أمثلة معزولة ولم يدرك أحد أن الطريقة يمكن تعميمها. أراد ماكميلان العثور على مصطلح لوصف الطريقة حتى يفهم الباحثون الآخرون أن هناك المزيد من المحفزات العضوية لاكتشافها. وقع اختياره على مصطلح التحفيز العضوي Organiccatalysis.

في يناير 2000، وقبل أن ينشر بنيامين ليست اكتشافه مباشرة، قدم ديڤد ماكميلان ورقته للنشر في مجلة علمية. تنص المقدمة على ما يلي: "" هيا بن نقدم استراتيجية جديدة للتحفيز العضوي نتوقع لها أن تكون قادرة على القيام بمجموعة من التحولات غير المماثلة".

تطور التحفيز العضوي

بشكل مستقل، اكتشف بنيامين ليست وديڤد مامكيلان مفهوماً جديداً تماماً للتحفيز العضوي. ومنذ عام 2000، يمكن تشبيه التطورات التي حدثت في هذا المجال، تقريباً كحمى الهروع إلى الذهب. ولكن، احتفظ بنيامين وديڤد بمكانة رائدة. لقد صمما العديد من المحفزات العضوية الرخيصة والمستمرة، والتي يمكن استخدامها لتنحفيز مجموعة كبيرة من التفاعلات الكيميائية.

لا تتكون المحفزات العضوية غالباً من جزئيات بسيطة فحسب، بل يمكنها في بعض الحالات العمل كحزام ناقل تماماً مثل إنزيمات الطبيعة. في السابق، كان من الضروري في عمليات الإنتاج الكيميائي عزل كل منتج وسيط وتنقيته. وإلا فإن حجم المنتجات الثانوية سيكون كبيراً جداً. أدى هذا إلى فقدان بعض المادة في كل خطوة من البناء الكيميائي. تعتبر المحفزات العضوية أكثر مرونة. حيث يمكن في كثير من الأحيان إجراء عدة خطوات في عملية الإنتاج في تسلسل غير منقطع. يسمى هذا بالتفاعل التعاقبي. واستطاع ذلك التفاعل أن يقلل بشكل كبير من النفايات في التصنيع الكيميائي.

أهمية التحفيز العضوي

مضاعفة كفاءة التصنيع

أحد الأمثلة على الطريقة التي أدى بها التحفيز العضوي إلى مكونات جزيئية أكثر كفاءة هو أطروحة توليف جزيء الإستركنين الطبيعي والمعقد. قد يتعرف الكثير من محبي الروايات على الإستركنين من كتب الروائية أجاثا كريستي. ومع ذلك فبالنسبة للكيميائييين، يشبه الإستركنين مكعب الروبيك، فهو تحد ترغب في حله في أقل عدد ممكن من الخطوات. عندما تم تصنيع الإستركنين لأول مرة عام 1952، تطلب الأمر 29 تفاعلاً كيميائياً مختلفاً وشكلت 0.0009% فقط من المادة الأولية للإستركنين. وتم إهدار الباقي. وفي عام 2011، تمكن الباحثون من استخدام التحفيز العضوي ورد الفعل التعاقبي لبناء الإستركنين في 12 خطوة فقط. وكانت عملية الإنتاج أكثر كفاءة بمقدار 7000 مرة.

صناعة الأدوية

كان للتحفيز العضوي أثر كبير على البحوث الدوائية والتي تتطلب غالباً تحفيزاً غير متماثل. وإلى أن يتمكن الكيميائيون من إجراء تحفيز غير متماثل، احتوت العديد من المستحضرات الدوائية على صور معكوسة غير مرغوبة للجزيء. صورة الجزيء هي معكوسة في المرآة، يكون أحدهما نشطاً، بينما يكون للآخر تأثيرات غير مرغوب فيها. ومن الأمثلة الكارثية على ذلك فضيحة الثاليدومايد في الستينيات. حيث تسببت صورة دواء الثاليدومايد في حدوث تشوهات خطيرة في آلاف الأجنة البشرية. قيل عن الحدث أنه "أكبر كارثة طبية صنعها الإنسان على الإطلاق" ونتج عناه 10 آلاف طفل مشوه بمختلف الدرجات في 46 دولة ما بين 1950 و1960.

باستخدام التحفيز العضوي، تمكن الباحثون من إنتاج كميات كبيرة من الجزيئات غير المتماثلة المختلفة ببساطة. واستطاع الباحثون تصنيع مواد علاجية محتملة بكميات لم يمكن عزلها سهلاً إلا بكميات صغيرة من النباتات النادرة أو الكائنات الحية في أعماق البحار. استخدمت شركات الأدوية التقنية بالطبع لتسهيل إنتاج المستحضرات الدوائية المصنعة. ومن الأمثلة على ذلك إنتاج الباروكستين الذي يستخدم لعلاج القلق والاكتئاب، والأدوية المضادة للفيروسات مثل الأوسيلتاميفير الذي يستخدم لعلاج التهابات الجهاز التنفسي.


انظر أيضاً

المصادر

  1. ^ "عالمان يفوزان بجائزة نوبل في الكيمياء لتطوير "أداة بارعة لبناء الجزيئات"". روسيا اليوم. 2021-10-06. Retrieved 2021-10-06.
  2. ^ "فائزان بنوبل الكيمياء 2021، من هما؟ وماذا قدما للبشرية". مجتمع الأكاديمية بوست. 2021-10-06. Retrieved 2021-10-06.