مكاريوس بن الزعيم

يوسف يوحنا ملاطيوس مكاريوس الثالث ابن الزعيم (ت. 12 يونيو 1672) بطريرك ملكي على أنطاكية وأحد كبار المصنفين العرب في القرن السابع عشر.

مكاريوس بن الزعيم
Macarios III Zaim
بطريرك أنطاكية
الكنيسةالكنيسة الملكانية
انظربطريرك أنطاكية
اعتلى السـُدة12 نوفمبر 1647
انتهى سـُدته12 يونيو 1672
سبقهايوثيميوس الثالث من خيوس
خلفهنيوفيتوس من خيوس
تفاصيل شخصية
اسم الميلادJohn Zaim
وُلِدحلب
توفي12 June 1672
دمشق

ولد في حلب أواخر القرن السادس عشر ونشأ في أسرة كهنوتية. تلقى مبادئ العلم من والده الخوري بولس، ثم تعلم حرفة الحياكة ومارسها. تتلمذ لمطران حلب ملاتيوس كرمة، فرسمه كاهناً بعد زواجه. لكن سرعان ما توفيت زوجته الشابة عن ولد رضيع دعاه بولس باسم أبيه. انتُخب خلفاً لمعلمه مطراناً على حلب عام 1635 في 14 أيلول/سبتمبر (على الحساب الشرقي القديم ككل التواريخ الواردة في هذه النبذة) واتخذ اسم ملاتيوس عوضاً عن الخوري يوحنا.

رعى أبرشية حلب طوال اثنتي عشرة سنة ثم ارتقى السدة البطريركية في 12 تشرين الثاني/نوفمبر عام 1647، ودُعي مكاريوس. وبعد أن تفقد الأبرشيات رحل إلى رومانيا وروسيا لوفاء ديون الكرسي، وكان يرافقه ولده الشماس بولس الذي وصف هذه الرحلة بكتاب زاخر بالمعلومات. وبعد غياب ست سنوات ونصف عاد إلى دمشق؛ لكنه غادرها بعد سنة واحدة إلى حلب ليسوس رعيتها بذاته إثر وفاة مطرانها في أيلول/ سبتمبر عام 1659.

ومن حلب انطلق ابن الزعيم ثانية إلى روسيا تلبية لدعوة قيصرها ألكسي من روسيا في أواسط عام 1665، للنظر في قضية بطريرك موسكو نيكون، ودامت رحلته الثانية هذه حتى عام 1670، لكنه عاد وحيداً جريح الفؤاد لفقد ولده الذي اغتيل في تفليس عام 1669. ولم يلبث أن رسم مطراناً أصيلاً لحلب متخلياً عن إدارتها بذاته، وعاد إلى كرسيه في دمشق حيث توفي.

يعد ابن الزعيم من أشهر بطاركة أنطاكية في العصر الحديث. فقد اهتم جدياً بشؤون كنيسته وشجونها، فوفى الديون المتراكمة على الكرسي، وخفض عبء الضرائب الباهظة، وعال الفقراء في زمن الجوع والبؤس، وكان حريصاً على إعادة مجد البطريركية الأنطاكية السالف الذي طالما تغنى به في كتبه. من هنا تظهر عنايته الخاصة بأبرشية الكرج (جيورجيا) التابعة له كنسياً، وكان قد اتصل بجاثليقها (حاكمها) عندما حج إلى القدس عام 1642 على رأس وفد حلبي. ومن هنا أيضاً تظهر علاقته المميزة بالكنيسة الروسية التي أفاد منها كثيراً، وقد زادته إحساساً بعلو شأنه بصفته بطريركاً رسولياً. وقد تابع خطى معلمه وسلفه البطريرك كرمة في التقارب مع الكرسي الروماني موطداً في الوقت ذاته الصلات بالبطريركيات الأرثوذكسية، محققاً بهذا الانفتاح الشامل رسالة أنطاكية الخاصة في الكنيسة الجامعة. لقد توثقت علاقاته بالمرسَلين اللاتين في أثناء بطريركيته لما تولى أبرشية حلب ورعاها مباشرة، فراسل الحبر الروماني ومجمع انتشار الإيمان، بل إنه وقع صورة اعتراف بالإيمان الكاثوليكي وبعث بها إلى روما. وفي سينودس موسكو عام 1667 دافع عن معمودية اللاتين بمقالة تثبت صحتها، واقتنع الآباء بما جاء فيها وأقروه. وقد أسهم أيضاً بأكثر من رسالة في دعم المواقف الأساسية للكنيسة اللاتينية ضد آراء الكلفينيين، وأعجب من كل هذا الروح المسكونية التي تحلى بها ابن الزعيم قبل ظهورها بقرنين ونيف، حَدَته على تصنيف رسالة عنوانها «العقائد المسيحية السَّنِية في الكنيستين الشرقية والغربية» توخى فيها بث روح التقارب بين أتباع المسيح الواحد بناء على وحدة العقائد الأساسية.

كان ابن الزعيم كاتباً، ومن هواة الكتب مولعاً بها يفتش عنها بلهفة ويعرف قيمة النادر منها فينسخه أو يستنسخه ويعربه هو أو بوساطة بعض بطانته إذا ما رأى ذلك مفيداً. فهو إذاً ناسخ وكاتب ومشجع للكتاب. ولانكبابه على المطالعة والتنقيب والكتابة نقلاً أو تصنيفاً أدّخر ثقافة واسعة جداً وخلف آثاراً في التاريخ المدني والكنسي والجغرافية، وفي الروحانيات والوعظ وفي العقائد والجدل وفي القوانين الكنسية وطقوس العبادة وفي الموسيقى والعلوم الطبيعية! وذكر في أكثر من موضع أنه أنشأ خمسة كتب في أثناء رحلته الأولى إلى روسيا وعشرة في أثناء رحلته الثانية، علاوة على ماسبق ذلك وما لحق.وأغلب هذه الآثار ترجمة أو اقتباس من اليونانية، كُتبت بلغة عامية، وأكثر ماخلف «مجاميع» أو بالأحرى «كشاكيل» لا يربط بين محتوياتها سوى أنها ضمن دفتي مخطوط؛ وعلى الرغم من كل هذا فإن كثرة آثاره تنتزع الإعجاب حقاً، ولو أنه وزعها على طريقة العرب القدامى إلى رسائل مفردة وأجزاء وكتب لأربى عددها على المئة؛ ولكن لم يُنشر من آثاره إلا القليل، ومما يسترعي الانتباه في كتاباته التاريخية أنها لم تُحصر بمحيطه القريب، بل تعدته إلى الشعوب الأخرى فترك تآليف ثمينة جداً وفريدة من نوعها عن سكان بلاد الكرج واعتناقهم المسيحية وخصالهم ومثالبهم، وعن تاريخ «أفندية» الفَلاخ «الأفلاق»، أي أمراء رومانيا، من سنة 1292 حتى 1664، وإلى جانب ما كتبه سيرة بطريرك موسكو نيكون، وكان ابن الزعيم أيضاً شاهد عصره في إيراد أخبار من عاصرهم وعرفهم وهي: سيرة معلمه المطران ملاتيوس كرمة، وأخبار بطاركة أنطاكية ورؤساء كهنة الأبرشية الأنطاكية، وهو بهذه التواريخ الجزئية يسد ثغرة يهتم بها الباحثون، ويُغني المعرفة بتاريخ عصره العام.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

المصادر

  • فايز فريجات. "مكاريوس (ابن الزعيم ـ)". الموسوعة العربية.



للاستزادة

  • ناوفيطوس إدلبي، أساقفة الروم الملكيين بحلب في العصر الحديث (مطبعة الإحسان، حلب 1983).
  • JOSEPH NASRALLAH, Histoire du mouvement littéraire dans L’Eglise Melchite du Ve au xxe siècle, Vol. IV, tome I (1516- 1724), (éd. Peeters, Louvin 1979.(
  • GEORG GRAF, Geschichte der christlichen arabischen Literatur, III Stueie Testi (Vatican 1949.(

الهامش