حبيب الشرتوني

حبيب الشرتوني (و. 24 أبريل 1958)، اشتهر لاغتياله الرئيس اللبناني المنتخب بشير الجميل.[1]

حبيب الشرتوني
Habib Tanious Shartouni.jpg
وُلِدَ
حبيب طانيوس الشرتوني

24 أبريل 1958 (العمر 66 سنة)
Chartoun، عاليه، لبنان
الجنسيةلبناني
تهم جنائيةاغتيال الرئيس المنتخب بشير الجميل
حبيب الشرتوني.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

حياته المبكرة

ولد حبيب طنوس الشرتوني، في عام 1958 في قرية صغيرة تسمى شرتون لعائلة مارونية. حائز على شهادة تخصص صناعي من فرنسا كان مقيما في منزل جده الكائن في الطابق العلوي لمبنى الكتائب في الأشرفية. وينتمي إلى الحزب السوري القومي الاجتماعي.[2]

بعد أشهر قليلة، نصحه أهله بمغادرة لبنان إلى قبرص ثم إلى فرنسا حيث درس في جامعة في باريس ونال شهادة في العمل. قضى عاما في باريس بعيدا عن السياسة، حتى أواخر صيف 1977 خلال زيارته إلى لبنان حيث انضم رسمياً للحزب القومي السوري الاجتماعي وأصبح عضواً فاعلاً منذ ذلك الوقت. عند عودته إلى فرنسا، قام بالاتصالات اللازمة مع ممثلي الحزب في فرنسا وبدأ بحضور اجتماعاته السرية، حيث التقى نبيل علم، مسئول الشؤون الداخلية في الحزب في ذلك الوقت. ترك علم انطباعا على الشرتوني، ما مهد الطريق لاغتيال بشير الجميل.


اغتيال الجميل

 
حبيب الشرتوني الذي مسح دنس الخيانة عن جبين لبنان وغيّر التاريخ بصاعق تفجير، مضحيّا بنفسه لإخراج وطنه من العصر الصهيوني.

بعد انهاء دراسته في باريس، عاد إلى لبنان وأصبح مقربا من نبيل علم، الذي عمل على اقناعه باغتيال بشير الجميل، حيث كان الشرتوني يقطن في الطابق الثالث في المبنى الذي يقع فيه المقر الرئيسي لحزب الكتائب. نصحه علم بوضع المتفجرات في غرب بيروت في الأشرفية في شرق المدينة فوق مقر الكتائب. بعد أن حصل على المتفجرات اللازمة، أخذ المفجر من علم وعمل على نقلها بأمان إلى بيت عمته في الأشرفية، على بعد بضعة أميال من المقر. الشرتوني أخيرا عزم على تنفيذ العملية. في ليلة 13 أيلول 1982، تسلل إلى الطابق الثاني من المبنى حيث مكتب الكتائب في الأشرفية. تصرفه لم يثر أي شكوك بما أنه يقطن في الطابق الثالث من المبنى نفسه مع أخته وجديه. دخل إلى غرفة في يمين مكان يجلس فيه بشير ورفاقه ووضع حوالي 40 أو 50 كلغ من المتفجرات. في اليوم التالي حام الشرتوني حول المكان حيث كان من المعزم أن يلقي بشير خطابا على رفاقه، حتى تأكد من وصول بشير. توجه خارج المبنى وركض إلى حي النصرا، حيث يوجد المفجر. عشر دقائق بعد بدء البشير القاء خطابه ضغط الشرتوني المفجر. سمع صوت الانفجار في كل بيروت. بعد الانفجار عاد للموقع لتفقد النتيجة.

الاعتقال والسجن

 
الشرتوني أثناء التحقيق معه بعد اعتقاله.

بعد يومين اعتقلت القوات اللبنانية الشرتوني. اعترف الشرتوني ابن الرابعة والعشرين بدون تردد أو خوف أمام مؤتمر صحفي قبل تسليمه للسلطات اللبنانية من القوات اللبنانية، وصف الشرتوني بشير بالخائن واتهمته ببيع البلاد لاسرائيل. قال الشرتوني: "لقد أعطيت المتفجرات ومفجرا بعيد الأمد في رأس بيروت من قبل نبيل العلم"(رئيس مخابرات الحزب. العلم كان مقربا من المخابرات السورية وفر إلى سوريا بعد الاغتيال واختفى) وقال:"انا حبيب الشرتوني اقر وانا بكامل اهليتي القانونية باني نفذت حكم الشعب بحق الخائن بشير الجميل وانا لست نادما على ذلك بل على العكس اذا اتى مرة اخرى فسوف اقتله وستصح مقولة لكل خائن حبيب وابشركم ان هناك الف الف حبيب لكل خائن عميل في بلادي". بعد تسليم الشرتوني للسلطات اللبنانية، خلف، أمين الجميل، أخيه الأكبر بشير مباشرة بعد الاغتيال. قضى الشرتوني 8 سنوات في سجن روميه بدون أي محاكمة رسمية، حتى 13 تشرين الأول 1990 عندما فر خلال الهجوم السوري الأخير من أجل إسقاط الحكومة التي ترأسها ميشال عون.

حديثه في 2011

في حديثه مع جريدة الرواد في سبتمبر 2011:

  • أين هو حبيب الشرتوني؟

قد أكون في أي مكان من العالم وقد لا أبقى في المكان عينه فترة طويلة، ولكن لماذا أنا متنقل وخارج بلدي أو حيث يجب أن أكون وحيث يمكن أن أتفاعل مع الناس ولن أعتبر عن رأيي بحرية كما يفعل الجميع؟

وهنا مكمن السؤال الذي لا أجد جوابا عليه بغير القول: ان لبنان ليس دولة بعد ليعطي للقوانين وللناس حقها، بل ما زال مفهوم المزرعة السياسية قائما وفاعلا بما يدعى – من باب التجميل – بائتلاف العائلات السياسية اللبنانية.

وكأن وطنا بكامله يقوم عمليا لا ظاهريا على مزاج ومصالح وطوح عائلات معينة، وليس على القواعد العلمية والسياسية والاجتماعية او الدستورية والقانونية المتعارف عليها، التي تقوم على أساس دول العالم.

فهذه العائلات السياسية التي تتحكم بمصير لبنان وكأنه ملك لها، فعلت به ما لم يكن ليفعله أحد من أبنائه المنتمين إلى مختلف العائلات اللبنانية الطبيعية لا السياسية. وإذا عدت إلى تاريخنا الحديث، سوف تقرأ في صفحاته الويلات والفضائح والاختلاسات والمجازر والخيانة وما شاكل ذلك، واذا عدت أيضا لحقيقة التشريعات والقوانين في لبنان فستفهم تماما لماذا أنا الوحيد المغيب والمطلوب للمحاكمة في آن من كل الذين اشتركوا في الحرب، دون وجه حق، أما اذا قرأت في واقع التشبيح والاستبعاد والالغاء، فستعي لماذا لا يجب أن يعرف أين أنا.

  • هل ندمت على اغتيالك لبشير الجميل؟ وهل تخشى المحكمة الدولية ان اقيمت لهذه القضية؟

ان عامل الندم يقع في حال اقدام انسان على ارتكاب جريمة بلحظة انفعال وغضب غريزتين أو بلحظة أراد فيها نيل شئ لا يناله في الأوقات العادية، وهو شعور ينتاب الذي يقدم على ارتكبا جريمة بدافع شخصي ولغاية شخصية.

أما عند الدفاع عن الوطن والمجتمع والأملاك العامة والخاصة من الاحتلال والتدمير، وعند انقاذ الشعور الوطني والقومي والانساني من الذل والمهانة، وعند الشعور بالغضب الانساني المبرر لحظة مقارعة الأعداء أو محاسبة الذين خانوا بلادهم وتعاملوا معهم، فلا مجال للندم على أي خسارة شخصية أو عائلية أو مادية مهما كانت كبيرة ومؤسفة.

والمحاكم الدولية بالتالي أو المحلية على حد سواء، فهي غير مؤهلة لمحاكمة الذين دافعوا عن اوطانهم وفق ما يمليه عليهم واجبهم الوطني وما تسمح به التشريعات والقوانين ويجيزه الدستور.

أما اذا كان قصدك المحكمة الدولية الخاصة بلبنان فهي انشئت بعد انقضاء أكثرمن خمسة عشر عاما على انتهاء الأحداث التي جرت بين عامي 1975 و1990 وهي غير معنية بتلك المرحلة التي طويت، حتى قانونيا إلا فيما خص اغتيال بشير الجميل الذي بقى عالقا لأسباب عدة إما معروفة أو غير معروفة بعد، وفي مقدمتها ما جاء في الجواب على السؤال الأول.

ليس هناك من كلام ذي معنى يمكن أن ينظر إليه بل هناك اسطوانة تعيد ذاتها منذ عام 1994 أي منذ سبعة عشر عاما، بحيث لم ينفك أمين الجميل عن تكرار نفس الأقوال المشبعة بالعبارات الاتهامية التي تحولت بعد المرة الأولى الى عبارات مستهلكة، لأن ليس لديه المزيد ليقوله ولا يريد في الوقت ذاته التطرق إلى الحقائق التي أحاطت باغتيال شقيقه ولا إلى الحقائق التي أحاطت بحكمه وآدائه وما فعله من أعمال مشينة بحق لبنان واللبنانين.

وإلا فلماذا يتهم إعلاميا الحزب القومي والمخابرات السورية باغتيال أخيه ولم يسع يوما للتحقيق مع أحد قيادي الحزب أو ضباط المخابرات بهذه القضية عندما كان رئيسا للجمهورية؟


  • هناك من يرى أنك من سهل وصوله إلى قصر الرئاسة؟

لا شك في أن هذا ما حصل انما لم يكن هدفي ايصاله إلى الرسالة، بل إفشال مشروع أخيه الذي يمكن تسميته بالمشروع الأمريكي – الإسرائيلية الممول سعوديا وقتذاك. ولولا وقفف هذا المشروع لتغيرت حتما معالم المنطقة السياسية والجغرافية عن واقع اليوم، وبدل أن تكون إسرائيل في موقع الدفاع عن الوجود، لربما كانت اليوم في موقع تحقيق مشروعها الأكبر.

أما إذا جيء بأمين الى القصر في ظل الاحتلال، وقام بما قام به من صفقات وسرقات وأعمال تخريب – وهذا ليس كلاما للاستهلاك بالطبع- فهذا الضرر الذي يتحمل مسؤوليته نواب الأمة، يبقى أقل من الضرر الذي كان سيلحقه أخوه بلبنان وبمحيطه الجغرافي وبكل منطقة الشرق الأدنى.

وإلا فلماذا استقبلوه بعد عودته من منفاه بحفاوة وجعلوه في مقدمة الصفوف والتشريفات ، لو كان هناك كرامة وطنية ومحاسبة حقيقية؟

فهل تظن أنه لو نجحت أهداف إسرائيل وحلفائها، كان سيحظى لبنان بما حظي به بعد تلك المرحلة من عمران وازدهار في أوقات الاستقرار؟

وهل كان حافظ على سلامه الداخلي وانتمائه العربي وعلاقاته الطبيعية مع جيرانه؟

وهل تظن أن سورية كانت حققت أيضا ما حققته من تقدم وازدهار وممانعة؟

أو كان الفلسطينيون تمكنوا من العودة ولو جزئيا إلى أرضهم واقاموا سلطتهم هناك؟

  • هل ما يجري في العالم العربي هو ثورات أم أنه مؤامرات خارجية؟

يمكن القول إن الثورات قائمة بلا أدنى ريب والمؤامرات قائمة في الوقت ذاته، أي أن العرب احسوا من جهة أنهم باتوا ومنذ زمن خارج دائرة التاريخ العالمي، وخارج الجغرافيا العالمية أيضا، واحسوا أنهم في أوضاع مزرية جدا ومتأخرة عما يجري من تطور سريع ومن وحدة ومن اكتساب للمساواة كما للحقوق وللحريات العامة والخاصة في غير دورهم، وهم بالتالي مطالبون بالتحرك لتغيير هذه الأوضاع.

وما يسمى في منطقتنا العربية بالمؤامرة ليس أحيانا غير مصالح تابعة للدول الكبرى والفاعلة.

فقد نلاحظ كمراقبين أن تنافسا اقتصاديا هاما بين دولتين كبيرتين ومصدرتين للاسلحة ولمختلف السلع والمنتجات التكنولوجية وغير التكنولوجية، قد يتحول في دول نامية ومستهلكة لهذه المنتجات إلى خلاف أو نزاع بين طائفتين أو فريقين سياسيين إذا أريد ذلك، وهذا ما جرى مرات عدة حتى في إحدى الدول الأكثر تقدما في المنطقة العربية كلبنان.

إذا كيف يمكن أن نقتنع أن وسيلة اعلام تشعل فتنة، أو مجموعة دول يمكن أن تحرك معارضة ضد موالاة، لو كان المجتمع محصنا وناضجا وذا مناعة؟ أو كان حاصلا على حقوقه كاملة أو قادرا بالحد الأدنى على التعرف على هويته السياسية والوطنية؟

  • فهل بإمكان أحد أن يخلق حالة عدم استقرار في بريطانيا أو ألمانيا أو اليابان مثلا؟

وهذا ما ترم به المجتمعات العربية من تأخر يدفع بالأجيال لطلب التغيير في سبيل تحقيق طموحها المشروع والمفهوم خارج دائرة الاقتتال المسلح واعمال الشغب بالطبع. واذا أردنا التعمق أكثر في الموضوع يمكن القول: ان النظام السياسي السائد في العالم العربي هو نظام أوروبي في الأصل، لكن لم يستخدم بالطريقة الأوروبية بل تعطل فيه دور المؤسسات التشريعية والتنفيذية والقضائية التي يقوم وكنظام ديمقراطي عليها، ليحل مكانها نفوذ العائلة أو القبيلة والأفراد، بحيث انفجر بعد عقود زمنية شكل ومضمون هذا النظام، عندما لم يستعمل بالطريقة الملائمة.

وليس حراك الأكثرية السنية إن جاز التعبير أي اعتماد الحراك بأكثريته الساحقة على الطائفة السنية في أنحاء العالم العربي حيث قام، غير دليل على صحة ما أقول، لأن أهل السنة ومنذ أن أنشأ الأمويون دولة الخلافة الأولى، لم يقومون بأي حركة احتجاجية أو معارضة لأي نظام ولم يقوموا بأية ثورات تذكر ، بل كانوا دائما من أهل السلطة والمال يتجمعون بغالبيتهم في المدن حيث تكثر الأعمال، خلافا لبقية الطوائف التي لجأ معظمهم إلى الجبال والهضاب لتجنب الاضطهاد والتهديد، وأهل الشيعة هم من شعروا بالغبن وحرمان علي بن أبي طالب من الخلافة فانصرفوا الى نوع متمايز من أنواع الفقه والاجتهاد وارتدت حركتهم طابع الثورة.

أما إذا قصدت المؤامرة من جهة ثانية بتحرك الأوركسترا المؤلفة من أمريكا وأوروبا وتركيا وقطر والمعارضتين اللبانية والسورية ضد نظام بشار الأسد تحديدا، فهذا تحصيل حاصل له دلالاته وأسبابه وأهدافه، وهو لا ينفصل عن استهداف الحلف القائم بين سورية وإيران وحزب الله.

  • هل تخشى على سورية من الفتنة والحرب الأهلية؟

لم أعط أي رأي حتى الآن في الأزمة السورية خلافا للكثيرين في لبنان لأنني أعتبرها مسألة داخلية خاصة بهم، ولكن بعد أن تجاوزت الأمور حدا معقولا وفشل احتواء الأزمة يمكن القول: ان ما يجري في سورية اليوم من انقسام في الشارع يشبه إلى حد بعيد ما جرى في الشارع اللبناني عشية عام 1975 مع فارق هام جدا وهو أن الدولة السورية وخلافا للدولة اللبنانية آنذاك، تقبض على كل الموانئ ولا تفتح المجال لأي فريق لاستيراد الأسلحة أو أدخالها بما يؤمن للحرب الأهلية وسيلة إقلاع.

أي أن لا أحد ينكر وجود انقسام سياسي في الشارع السوري ولا حاجة لوسائل إعلام لبلوغ هذه الحقيقة الواضحة للعيان، إنما لا مجال أيضا لوقوع حرب أهلية طالما أن الجيش السوري مؤازرا بقوى الأمن قادر على السيطرة على كل الموانئ الجوية والبحرية.

أنما يبقى أن حلقة الحوار في الوقت الحالي مفقودة وهناك فريقان على الأرض ، فريق يسعى لاحتواء الأزمة ولاحتواء الحركة الإحتجاجية المعارضة، وفريق ثان يسعى بأي شئ لاسقاط الفريق الأول دون أن يطالبه بأي شئ لا إصلاحات ولا غير إصلاحات، إنما يطالبه فقط بوقف الحل الأمني حتى لا يسقط المزيد من الضحايا وحتى يعزز موقفه الشعبي.

وفي هذه الأجواء لا يعود مهما وجود أقلية أو أكثرية مع أحد الفريقين لأن المسألة لم تعد بالقرعة وبعدد الأصوات في الصندوق بل أصبحت المسألة في الشارع حيث بإمكان أقلية لا تذكر ولا تتجاوز المليون من أصل 23 التظاهر والرفض وتعطيل الاقتصاد حتى ينهر وتنهار الليرة معه وربما تنهار الدولة اذا طالت الأزمة.

أما العصابات والأفراد المسلحين ممن يطلق عليهم تعريف المندسين، فهم إما عناصر مخربة ومأجورة في الأصل ومطلوبة للعدالة، وإما أناس عاديين وقع حيث هم مقيمون معالجات أمنية وعسكرية أدت إلى ردود فعل تجلت بتوجيه بعضهم السلاح إلى قوى الجيش والأمن.

  • هل أنت مع بقاء سلاح حزب الله؟

إن بقاء أو عدم بقاء سلاح حزب الله لا يخضع لموافقة أحد أو رفضه بل هو مرتبط عضويا بالصراع بين العرب وإسرائيل، ولم يبق من هؤلاء العرب غير لبنان وسورية والفلسطينيين لم يتوصلوا بعد لتسوية مع إسرائيل.

وطالما أن هذه التسوية لم يحن وقتها بعد يتعرض لبنان في أي وقت لاعتداءات إسرائيلية ، فلا مجال لمناقشة كيفية إلقاء السلاح والاستغناء عنه.

أما بعد هذه المرحلة فليس في نية حزب الله الاحتفاظ به، وفق ما أكده مسؤوله ولا في قدرته ذلك وفق التركيبة اللنانية وتركيبة المنطقة في حال حدوث تسوية.

أما طرح ازال إسرائيل من الوجود فهو ليس طرحا عسكرية كما يفهمه البعض، بل ذا أبعاد حضارية مستقبلية لها علاقة بمجمل عام، قد أتطرق للحديث عنه في وقت لاحق.

  • ما هو تعليقك على القرار الاتهامي الذي صدر وتضمن اسماء أربعة من حزب الله؟

إضافة لما قيل ويقال عن المحكمة الدولية وتحقيقاتها واجراءاتها، هناك حقيقة لم يتم التطرق اليها بعد بالقدر الكافي، وهي أن الجهات السياسية التي أرادت تحويل جريمة اغتيال رفيق الحريري ومن سقط معه الى محاكمة دولية والى اتهامات سياسية عشوائية، أرادت اعادة سيناريو الذي جرى بين السبعينيات والثمانينيات مع تعديلات ملائمة للزمان وللتبدل الذي جرى في ظروف المنطقة والعالم.

أي أن المؤامرة التي أشعلت حرب لبنان في عام 1975 فشلت في تحقيق كل أهدافها، ما أخمد نيران الفتنة في عام 1990 ولكنها عادت في عام 2005 لتنطلق بحلة جديدة وبتعديل معين بغية تحقيق نفس الأهداف الأولى لكن معدلة.

وبتبسيط أكثر: عندما فشل المشروع الأمريكي الإسرائيلي الممول سعوديا بتحقيق غاياته بعد إيصال بشير الجميل إلى سدة الرئاسة ، من خلال إخضاع لبنان والشام وإنهاء المقاومتين اللبنانية والفلسطينية والقضية الفلسطينية معهما، انسحبت الولايات المتحدة من المنطقة وأعطت سورية وكالة بلبان.

وعندما فرغت من ادارة شؤون وأزمات البلقان وأفريقيا وجنوب شرق آسيا، عادت لتسحب الوكالة من السوريين ولتغزو العراق وتعزز وجودها في لبنان.

وعندما اغتيل رفيق الحريري أقلعت هذه العملية وأعيدت محاولة فرض شروط شرق أوسطية جديدة على المنطقة بعد فشلها في المرة السابقة. وبالطبع من عاصر المؤامرة الأولى أو المرحلة الأولى بإمكانه مقارنتها مع الثانية وبإمكانه أن يرى البصمات الأمريكية والإسرائيلية الواضحة على مسار الاثنتين ، من خلال التفاصيل التي عايشها والتي لا مجال الآن لاستعراضها لكثرتها.

  • كيف ترى واقع الحزب السوري القومي؟

لم يعد هناك من حزب سوري قومي حتى نرى واقعا له، بل ان مشروع الحزب انتهى أساسا مع استشهاد زعميه ومؤسسه، لأن المشاريع كافة في بلادنا لا تحقق إلا من خلال أشخاص، وشخصانية المشاريع لا تدل إلا على مدى التخلف المؤسساتي والاجتماعي الذي نحن فيه، لا بل ان أية إدارة عندنا وهذا أبسط المشاريع، لا تقوم إلا على مديرين في حالة غيابتهم تتوقف تلك الادارات أو تعجز عن تحريك آلياتها أو تفعيل مؤسساتها وفروعها وأقسامها.

فالذين قتلوا أنطون سعادة أرادوا قتل مشروعه معه، لكن جل ما فعلوه أنهم أخروا المشروع وأساؤوا إلى مجتمعهم وإلى أمتهم، لأن هذا المشروع القائم على أسس علمية وليس على أسس وجدانية، سوف يتحقق طبيعيا بعد دفع الشعب لفواتير باهظة، ووعيه لقضيته، وقيامه بواجباته، واستمرار الحياة لوقت كاف، وهذه نظرة فلسفية للزمن البعيد الآتي ولا علاقة لها بالسياسة.

أما جماعة أنطون سعادة أو حزبه فهم انحرفوا عندما كان لا يزال على قيد الحياة، وهذا موثق بتاريخ الحزب، وبعد غيابه ازدادوا ابتعادا عن مبادئه وأهدافه، حتى صاروا في السنوات الأخيرة حزبا سياسية بامتياز يخدم مصالح أفراد سياسييين على الطريقة اللبنانية المعهودة في الحياة السياسية عندنا، ولم يعد لديهم إلا هاجس تمثيل القوميين وتقاضي المال باسم وتحقيق المكاسب على حسابهم.

أما في السبعينيات ولغاية الثمانينيات فكأن الحزب وبالرغم من كل الوهن الذي أصابه والانقسام الذي حل به، بعد مرحلة الخمسينيات في الشام والستينيات في لبنان، يقوم بجهد عسكري وتنظمي ويساهم فعليا في المقاومة وفي دحر المؤامرة التي عصفت بالبلاد، ما جعلنا ننتمي إليه ونعمل في صفوفه.

فهذا الموضوع بحاجة إلى مزيد من الشرح والتبيان حتى لا يظن أحد أنني أتحامل على الحزبين القوميين الموجودين الآن على الساحة، وحتى لا يبقى القوميون مراهنين على قيادات سياسية هامشية، تتنافس على فتات الموائد السياسية.

  • لماذا أنت بعيد عن أية مسؤوليات حزبية؟

لست بعيدا عن العمل القومي والاجتماعي والإنساني بشكل عام ولست بعيدا أيضا عن القوميين الصادقين في انتمائهم، إنما أنا ضمنيا لا ظاهريا خارج إطار الحزب منذ 1982 لأن قيادة الحزب أرادت ذلك أن أن حققت لها مرادها ونفذت لها ما طلب مني تنفيذه، فبت عبثا سياسية كبيرا على طموح أفرادها مهما تناوبوا وتبدلوا. فلقد تكرس مناخ فاسد في الحزب لا يقل فسادا عن أي مناخ سياسي أو حزبي آخر في بلادنا.

وقد تمكنت من تحقيق أمور كثيرة خارج المسؤوليات، قدمت بمعظمها خدمة عامة أو خاصة، لكن أمتنع الآن عن ذكرها لأسباب أمنية.

  • كيف تصف علاقتك برئاسة الحزب، وما هي ملاحظاتك على أدائها؟

انقطعت العلاقة الشكلية برئريس الحزب عندما قررت قطعها في عام 1996 أي منذ 15 عام بعدما جرى أكثر مما يمكن وصفه بالملاحظات، وقد حاول اعادته مرات عدة دون جدوى، وبعدما تبين لي وللكثيرين أن هذا الشخص لا يعمل أبدا كرئيس للحزب بل كحريص على مصالحه وعلاقاتها التي ينافس الجميع عليها ويرى في المقابل أنه منافس عليها، بالرغم من تأكيدي له أنه مبروك عليك الحزب.

فلقد حاربني بكل الأشكال الممكنة وغير المعلنة وأساء أكثر مما يتوقعه أي كان، وأنا جاد في القول أنه من الأسهل تأسيس حزب قومي جديد على مبدأ العلمانية التي نحن بأمس الحاجة إليها عوضا عن محاولة استرداد الحزب القومي بعد أن شاخ واستفحلت فيه أمراض المجتمع وأمسى باب رزق لبعض المتنفذين فيه.

حان الوقت ليعي القوميون ومعهم مؤيدو فكرهم أن أمتهم تتجه باتجاه قدرها سواء كان حزبهم موجودا وفاعلا أو غير موجود، لأن قواها موجودة وفاعلة وحركة التاريخ فيها لم تتوقف، فبقى عليهم أني قرروا موقفهم وموقعهم من كل ذلك.

  • هل خلاص لبنان بدولة علمانية وفق رؤية أنطون سعادة؟

العلمانية مدرسة عمرها مئتا عام، وهي منذ ذلك الوقت في حال حرب فكرية وعملية أي تنفيذية مع رجال وشيوخ الدين الذين يتدخلون في شؤون السياسة والقضاء، بحجة أن هذه الشؤون عامة ومن واجبهم التدخل فيها للاشراف على وضع رعايا وأتباع طوائفهم ومذاهبهم.

ولقد حققت العلمانية ذاتها في الغرب والشرق الأوروبيين ما مرت به القارة من عصور مظلمة سيطر فيها رجال الدين على المجتمعات التي أخضعوها لصالح الملوك والأمراء والإقطاعيين، أي أخضعوها كسلطات دينية لصالح السلطات الدنيوية.

أما أنطون سعادة فلديه رؤية أشمل من الموضوع العلماني، وهو يتناول بعمق الشأن الاجتماعي بغاية تحقيق وحدة بلاده المفككة والمحتلة لأجزاء منها، وهذا المنطلق القومي الأساسي تجاوزته فعليا أوروبا بعد عبورها بمرحلة الوحدات الأوروبية بين القرنين السابع عشر والثامن عشر.

أما فيما يخص لبنان، ووفق تركيبته وما مر به من أحداث ، لا أرى وبكل بساطة مستقبلا له خارج الاطار العلماني.

بل قد يتوقف عن الاستمرار كوطن مستقل ذي سيادة، إذا بقى غارقا في نظامه الطائفي المدمر لكيانه.

  • لماذا تراجع دور السوريين القوميين؟

تراجع دورهم بسبب عدم وجود حزب يحتضنهم ويدعمهم ويوجههم، بل أمسوا أفرادا مشتتين في الوطن والمغتربات بعد أن حزبهم وافقا منذ الثلاثينيات على مفاصل حوادث عدة كالإنقلابات والثورات وحتى الاغتيالات السياسية.

لقد استهدفوا كحركة مقاومة قبل حزب الله بعقود زمنية وتولت بعض قياداتهم بالتعاون مع بعض الضباط المزدوجي الولاء انهاء تنظيمهم وتفكيكه على مرأى من أعين الأكثرية الصامتة.

وكل هذا من أجل حسابات سياسية تبخرت عندما حان الوقت للحسابات القومية والوطنية.

  • هل تتوقع حربا جديدة في المنطقة؟

لقد توقعت حصول حربين قبل حصولهما بقرابة خمس سنوات في العراق وضد المقاومة في لبنان.

وهذا في جلسات خاصة أمام أصدقائي لأنني لم أستطع أن أطل في مقابلات إعلامية.

وأتوقع منذ عدة سنوات أيضا حدوث حرب إقليمية أجهل توقيتها، وربما شقت هذه الحرب طريقها عبر الأزمة السورية، وسوف تكون الأقوى – ان حصلت - بعد الحرب العالمية الثانية.

أما أسباب إندلاعها فهي عديدة، منها فصول المؤامرة التي تطرقنا إليها في معرض الأسئلة والاجوبة، ومنها عدم اقتناع إسرائيل بعد بالسلام مع بقية العرب، وقد أعلنت مواقفها الواضحة بهذا الصدد بعد مسرحية سلام هزلية دامت سنوات طوال منذ مؤتمر مدريد، ومنها الاختلاف الجذري والبنيوي بين طبيعتي النظام الإيراني والغربي عموما أو الأمريكي خصوصا، ومنها نظرة اليهود التوراتية إلى الواقع الإيراني الجديد الذي يرونه على مثابة تهديد لوجودهم.

وقد يتركز القصف على منشآت إيران بالدرجة الأولى ثم على المنشآت والمواقع السورية بالدرجة الثانةي، وفي الأخير على الأهداف التابعة للمقاومة وللجيش في لبنان، ما يعني أن الضغط العسكري الأشد لن يكون على لبنان هذه المرة.

  • هل تتوقع اغتيالات جديدة في لبنان؟

ان التاريخ اللبناني مسطر الاغتيالات السياسية وغير السياسية منذ القديم، ولكن لا أتوقع موجة اغتيالات في الوقت الراهن لأن الجهات السلفية التي ركبت تلك الموجة، لم يعد لديها القدرة على ذلك بعد اكتشاف خلايا النية ومجدل عنجر وبعد معركة مخيم البارد، التي هدأت وضع مخيمات الجنوب، وبعد ضبط الحدود السورية اللبنانية بشكل أفضل.

أما إذا قرر الإسرائيليون اغتيال أحد الاشخاص أو أكثر، فهذا شأن اعتادوه منذ وجودهم في المنطقة.

  • ما هي خفايا اغتيالك لبشير؟

تلك التي تسميها الخفايا سوف تظهر يوما عندما أتمكن من نشر مذكراتي التي تحتاج بعد إلى الكثير من الوثائق وقدرة الحركة حتى تنجز.

  • متى ستعود إلى لبنان؟

عندما يصبح هناك قوانين يمكن إطلاق عليها هذا التعريف حتى يصبح هناك عدالة، هذا إذا لم تصدر بعد قوانين لا علاقة للقانون أو للتشريع بها عن المتعاملين مع إسرائيل وربما مع الشيطان أيضا، فيما اشترك أكثر من 22 نائبا برلمانيا معارضا ومواليا في آخر سجال عن قانون العفو عن سمير جعجع الذي وسلفي الضنية ومجدل عنجر، الذي سمي الجرائم بالاسم وبرقم الملف حتى لا يشملني كما تشمل بنود القانون في العادة حالات معينة، وهذه ظاهرة لم تحصل بعد في أية دولة حتى العالم، وتشير إلى أي مدى تفرد لبنان باكتساب صفات المزرعة السياسية.[3]


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

المحاكمة

اصدر المجلس العدلي حكما بالإعدام بحق حبيب الشرتوني ونبيل العلم في قضية اغتيال بشير الجميل، إضافة إلى وتجريدهما من حقوقهما المدنية. وجاء في خلاصة الحكم: "حكم المجلس بالاتفاق:

  1. بتجريم المتهم نبيل فرج العلم، المبينة كامل هويته أعلاه، بمقتضى الجناية المنصوص عليها في المادة 217 معطوفة على المادة 549 فقرة 1و7 على المادة 6 من قانون 11/1/1958، وبمعاقبته بالإعدام.
  2. بتجريمه بمقتضى المادة 219 فقرة 1 و2 و4 عقوبات معطوفة على كل من المادة 549 فقرة 1و7 عقوبات والمادة 6 من قانون 11/1/1958 ومعاقبته سندا للمادة 220 فقرة اولى عقوبات بالإعدام.
  3. بتجريم المتهم حبيب طانيوس الشرتوني المبينة كامل هويته أعلاه، بمقتضى الجناية المنصوص عليها في المادة 549 فقرة 1و7 وفي المادة 6 من قانون 11/1/1958 وبمعاقبته بالإعدام.
  4. بتجريمه بمقتضى المادة 549 فقرة 1و7 معطوفة على المادة 201 عقوبات، وبمعاقبته سندا لهاتين المادتين معطوفتين على المادة 220 فقرة اولى عقوبات بالإعدام.
  5. بإدانة المتهمين المذكورين بمقتضى الجنحة المنصوص عليها في المادة 76 اسلحة وبمعاقبة كل منهما بالحبس مدة ستة أشهر.
  6. بإدغام هذه العقوبات بحيث تنفذ في حق كل من المتهمين نبيل العلم وحبيب الشرتوني عقوبة واحدة هي الإعدام.
  7. بتجريد المحكوم عليهما نبيل العلم وحبيب الشرتوني من حقوقهما المدنية المنصوص عليها في المادة 49 عقوبات.
  8. بتأكيد انفاذ مذكرتي القاء القبض الصادرتين في حقهما.
  9. بإلزامهما بالتكافل والتضامن أن يدفعا إلى كل من المدعين المذكورين اعلاه في متن هذا الحكم مبلغ العطل والضرر المحدد لكل منهم على اعتبار ان حيثيات هذا الحكم تعتبر جزءا لا يتجزء من الفقرة الحكمية الحاضرة.
  10. بتدريك المحكوم عليهما النفقات القانونية مناصفة.

حكما صدر غيابيا في حق المتهمين والمدعين والمتخلفين عن الحضور المذكورين اعلاه ووجاهيا في حق باقي المدعين المحكوم لهم بعطل وضرر، المذكورين اعلاه، وأفهم علنا في العشرين من شهر تشرين الأول سنة 2017 في حضور النائب العام لدى محكمة التمييز والمحامي العام التمييزي".


المصادر

  1. ^ Katz, Mayn (2005). Song of Spies. Variocity. pp. 128–129. ISBN 1933037733.
  2. ^ منتديات صافيتا
  3. ^ صحيفة الرواد، سبتمبر 2011