أخبار:إعلان رومان جوفمان رئيسا للموساد، بدءا من يونيو 2026
- إعلان رومان گوفمان رئيساً للموساد بدءاً من يونيو 2026.
في ديسمبر 2025 عين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو رئيساً جديداً للموساد. أثار هذا ردود القرار ردود تحذيرات من مصادر سياسية فلسطينية مطلعة من فرضية إقدام إسرائيل خلال المرحلة القادمة على عمليات تصفية واستهداف لقيادات سياسية وعسكرية تابعة لحزب الله خارج لبنان وحركة حماس خارج غزّة، فيما حذّرت أطراف إسرائيلية معارضة لتعيين گوفمان رئيساً للموساد من مغبة تكرار سيناريو محاولة اغتيال خالد مشعل في العاصمة الأردنية عمّان عام 1997. وتشير المصادر الإسرائيلية والفلسطينية إلى أنّ المرحلة الحالية يمكن تسميتها بمرحلة "اصطياد الرؤوس الأخيرة" في حزب الله وحماس، حيث تعتزم إسرائيل أن تنطلق المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، دون وجود للأسماء السياسية المعروفة التي قد تمثل حجرة عثرة أمام نزع سلاح حماس وتحويل القطاع برمته إلى منطقة منزوعة السلاح بالكامل. [1]
هذا ويشار إلى أن إسرائيل، التي سبق أن هدّد رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو باستهداف القيادات السياسية لحركة حماس" وفصائل المقاومة الفلسطينية الأخرى في أي مكان من العالم، تحضر لاستهداف قيادات الحركة في دول غير عربية، في إشارة واضحة لتركيا. ويتقاطع هذا التوجه الإسرائيلي، مع التعيين الجديد لرومان گوفمان على رأس الموساد، خلفاً لداڤيد برنياع الذي ستنتهي ولايته في يونيو 2026. وتكشف مصادر إسرائيلية سياسية وعسكرية مطلعة أنّ تعيين گوفمان يتنزل ضمن وظيفية مخابراتية إسرائيلية واضحة، تقوم على ضرورة التطابق بين الرؤية السياسية ممثلة في رئاسة الوزراء والرؤية المخابراتية مجسدة في الموساد. وتضيف أنّ بنيامين نتنياهو تجاوز العُرف المعمول به بتعيين شخصية مهنية من الموساد على رأس الجهاز، لأنّ الحاجة اليوم تفترض وجود شخصية تنفيذية تعاضد التّصور الأمني والعسكري لنتنياهو في ملاحقة قيادات حماس في الخارج، ولا تعرقله بإجراءات لوجستية وتقنية معقدة.
ويرى أنصار قرار نتنياهو أن جوفان صاحب الخلفية العسكرية، قد لا يمثل الشخصية الحُسنى والفضلى لرئاسة الموساد، لكنه بالتأكيد الشخصية المُثلى في هذا التوقيت السياسي والمخابراتي الصعب، حيث تتعاظم قوة حزب الله بالاستفادة من شبكة علاقات اقتصادية واستثمارية وعسكرية عابرة للأقطار، فيما تعتمد إيران الصمت الإستراتيجي استعداداً للمنازلة القادمة، أما حركة حماس، فلا يمكن الحديث عن تفكيكها بالكامل دون ضرب مقوّماتها العميقة والمتمثلة في العلاقة المتشابكة بين الداخل والخارج، وفصل الخارج بشكل كامل عن الداخل.
ويعتبر هؤلاء أنّ جوفان الذي سبق أن خدم في مواقع عسكرية ميدانية متقدمة، وشغل السكرتير العسكري لنتنياهو خلال السنوات القليلة الماضية والذي شاركه بالتالي الكثير من القرارات الصعبة والمصيرية، سيكون مساعداً له في استكمال تحقيق الأهداف الكبرى للحرب الإسرائيلية، فالسياق لا يحتاج "لمحامي شيطان"، بقدر ما يحتاج لامتداد تنفيذي مخابراتي لما يفكر فيه نتنياهو وما يعزم على فعله. في مقابل هذا التصور، يرى خبراء عسكريون ومتابعون للشأن الإسرائيلي أنّ قرار تعيين گوفمان، يتناسق مع جملة القرارات التي اتخذها نتنياهو خلال السنوات الماضية، والتي لامست المناصب العسكرية والأمنية الكبرى في إسرائيل.
فاختيار نتنياهو "لنخبة الأصدقاء المطيعين الخاضعين"، تَمثّل جليّاً في تنصيبه لإسرائيل كاتس كوزير للدفاع، وهو الشخص المقرب لسارة نتنياهو قبل بنيامين ذاته، وتجسد أيضاً في تعيين روني ألون على رأس الشاباك في أكتوبر 2025، وها هو اليوم يتجسد بشكل واضح في تعيين جوفان على رأس الموساد. وتجدر الإشارة إلى أنّ برنياع اقترح على نتنياهو اسمين من داخل الجهاز لخلافته في المنصب، إلا أنّ الأخير رفضهما وتمسك بقرار تعيين شخصية عسكرية من خارج الموساد. ولئن أثار هذا التعيين استهجان القيادات الأولى في الموساد واستغراب بعض الخبراء العسكريين، إلا أنّه من المقرر أن يحظى بموافقة اللّجنة العليا للتعيينات، التي من المنتظر أيضاً أن تُحقق في ملفّ الأهلية والاستحقاق بشكل دقيق جداً، قبل إصدار موقفها النهائي بالإقرار. وفي مقابل، كل ماسبق، تؤكد مصادر عسكرية ومخابراتية مطلعة أنّ قرار تعيين گوفمان يتناقض مع الرؤية الإسرائيلية في "الذراع العسكرية الممتدة" إلى الخارج.
وتشير في هذا السياق إلى أنّ وجود قيادي عسكري على رأس الموساد خطأ مهني وإستراتيجي ومخابراتي من الضروري تفاديه مبكراً. إذ تؤكد أنّ الضربات العسكرية والأمنية الإسرائيلية لقيادات حماس وحزب الله، تكون ناجعة وقاصمة عندما ينضم لها الموساد وتكون له اليد الطولى في التخطيط والإنجاز، وتكون في المقابل فاشلة وعاجزة وتُعرّي إسرائيل أمام حلفائها وأعدائها كلما تم تحييد "الموساد" أو تم تعيين عسكري على رأسه. وتضيف أن عملية الدوحة فشلت فشلاً ذريعاً، لأن الموساد كمؤسسة مخابراتية مهنية رفضت الانضمام لهذه الضربة وتوقعت فشلها في تحقيق الهدف، وقد فضحت العملية الضعف المخابراتي الذريع للشاباك ولوزارة الدفاع اللذين تبنيا العملية في وقت لاحق. وبالتالي فإن رفض برنياع لعملية الدوحة، يؤكد استحقاق الموساد، وقدرته على استقراء العمليات الناجحة والناجعة من عدمها، وهو ما يحتاج لتثمين إسرائيلي، وهو ما كان الموساد ينتظره من مجلس الوزراء الإسرائيلي.
وتشير التقديرات الإسرائيلية إلى أن الموساد يرى في تعيين جوفان إنكاراً لنتنياهو لهذه الحقيقة، وتواصلاً في العناد السياسي المعروف عنه، والأخطر من كل ذلك أن يكون ضرباً للمسافة الاستقلالية للموساد، وتوظيفه في المغامرات العسكرية المرتقبة لنتنياهو، وهي مغامرات يٌقصد في جزء منها رسملة اسمه كمرشح قوي في السباق الانتخابي القادم على منصب رئيس الوزراء.
وفي السياق التحذيري ذاته من مغبة هذا القرار، ترى مصادر سياسية إسرائيلية أن الموساد يحتاج لشخصية مهنية من داخله تعرف التفاصيل وتدرك طبيعة العمل المخابراتي وتحسن التعاطي والتعامل مع الوقائع ومع المعلومات الثمينة. وتحذر من أنّ تعيين نتنياهو لگوفمان وتحضيره للعمليات العسكرية والمخابراتية القادمة خارج إسرائيل، هو شبيه تماماً بتعيين نتنياهو لداني ياطوم عام 1996 رئيساً للموساد لتحضير عمليات اغتيال في الأردن. وتؤكد أن تعيين ياطوم حينها كان ضرباً للأعراف المهنية في تعيينات الموساد، إذ للمرة الأولى في تاريخ إسرائيل يتم استقدام شخصية بخلفية عسكرية لقيادة الموساد. وقد أفضت عهدته على رأس الموساد إلى أكبر عملية اغتيال فاشلة في تاريخ الموساد، حيث حاول الأخير اغتيال خالد مشعل في العاصمة الأردنية عمّان، وافتضح أمرها وكان على إسرائيل جلب الترياق لإنقاذه والاعتذار للملك حسين، والانخراط في مسار دبلوماسي كامل لعدم تعريض العلاقات الأردنية الإسرائيلية الفتية حينها (بُعيد التوقيع على اتفاق وادي عربة)، لخطر الانقطاع التام. وعلى ضوء هذه العملية، اضطر ياطوم للاستقالة عام 1998، وخلفه إفرايم هالڤي الذي كان شخصية دبلوماسية ومخابراتية مخضرمة، وعمل على إصلاح العلاقات الإسرائيلية الأردنية.
انظر أيضاً
المصادر
- ^ "ما دلالات تعيين العسكري رومان گوفمان على رأس "الموساد"؟". إرم نيوز. 2025-12-07. Retrieved 2025-12-07.