نقولا الدمشقي

(تم التحويل من نيقولاوس الدمشقي)

نيقولاوس الدمشقي (باليونانية: Νικόλαος Δαμασκηνός, Nikolāos Damaskēnos؛ إنگليزية: Nicolaus Damascenus أو Nicholaos of Damascus؛ عاش 64 ق.م.[1] - ) كان مؤرخاً يونانياً هاماً ولد في دمشق.[2] كان أديباً موسوعياً جمع بين الفلسفة والخطابة والأدب والسياسة إضافة إلى الدراسات التاريخية.

Nicolaus of Damascus
Νικόλαος Δαμασκηνός
وُلِدَ
Νικόλαος Δαμασκηνός

ح. 64 ق.م.
توفيبعد 4 م

اقترن اسمه بالملك هيرودِس Herodes الكبير، الذي اتخذه مستشاراً ومؤرخاً في بلاطه، كما أنه حظي بتقدير الامبراطور أغسطس وتكريمه.

ولد لأسرة مرموقة من سكان دمشق نحو عام 64 ق.م.، أي مع بدء الاحتلال الروماني لسورية. كان أبوه أنتيباتروس Antipatros صاحب مكانة رفيعة في المدينة وفخوراً بمركزه، وهكذا أتاح لابنه تعليماً ممتازاً في آداب عصره وعلومه يليق بمكانته الاجتماعية فتبحر باللغة الإغريقية والثقافة الهلنستية السائدة آنذاك. ويبدو أنه حاز شهرة كبيرة حتى أن الملكة كليوپاترا اختارته للإشراف على تربية أبنائها من ماركوس أنطونيوس، ولعل ذلك جرى في أثناء وجودها في سورية عندما جاءت لملاقاة أنطونيوس عندما كان يعدّ لحملته ضد الفرثيين.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

سفارة الملك الهندي إلى أغسطس

ومن الأحداث المهمة التي عايشها نيقولاوس ورواها عنه المؤرخ الجغرافي سترابون Strabon قدوم سفارة هندية فخمة إلى أنطاكية عام 20 ق.م.، في طريقها لملاقاة الامبراطور الروماني أُغسطس الذي كان آنذاك في الشرق، وقد تركت صدى كبيراً في أذهان الناس. وكانت من ملك يدعى پانديون (مملكة پانديان؟).

لايُعرف على وجه الدقة متى تعرف نيقولاوس ملك اليهودية هيرودِس (37-4ق.م) وانضم إلى حاشيته وصار مستشاره ومن المقربين عنده حتى موته. ومما لاشك فيه أن شهرته فيلسوفاً وأديباً مثقفاً ومواهبه الخطابية الممتازة وصلاته الوثيقة بالقادة الرومان جعلت منه أفضل سفير لهيرودِس وأهلته للقيام بمهام دبلوماسية شائكة. وهكذا وُجد نيقولاوس عام 14 ق.م. برفقة هيرودِس في رحلته إلى آسيا الصغرى لمقابلة القائد الروماني أگريپا Agrippa، وهناك توسط نيقولاوس لمدينة إيليون Ilion (طروادة) ونجح بالدفاع عن اليهود الذين اصطدموا بسكان بعض المدن الإغريقية وإصلاح ذات البين بينهم.

كما رافق هيرودِس في رحلته الأخيرة إلى إيطاليا عام 12 ق.م. لمقابلة الامبراطور أُغسطس. وعندما اهتزت مكانة هيرودِس لدى الامبراطور أُغسطس بسبب الحملة العسكرية التي شنها على العرب الأنباط توجه نيقولاوس إلى روما عام 8 ق.م. وتمكن بمواهبه الدبلوماسية وحظوته العالية لدى أُغسطس من إعادة المياه إلى مجاريها بينهما.

كما كان لنيقولاوس تأثير كبير في سياسة هيرودِس الداخلية والأسرية، وقد مثَّل جانب الادعاء في القضية التي رُفعت على أكبر أبناء هيرودِس المدعو أنتيپاتروس، الذي دبّر مكيدة لأخويه انتهت بإعدامهما، وكان ذلك بحضور والي سورية فاروس Q.Varus، وكانت نتيجتها الحكم عليه بالموت.

وبعد وفاة الملك هيرودِس عام 4ق.م توجه نيقولاوس من جديد إلى روما من أجل العمل على تنفيذ وصيته والدفاع عن حق ابنه أرخيلاوس Archelaos في تسلّم عرش أبيه، وقد نجح بمسعاه لمكانته عند الامبراطور أُغسطس.

ويبدو أنه اختار البقاء في روما حيث أمضى بقية حياته يتابع الكتابة والتأليف. ولايعُرف تاريخ وفاته على وجه التأكيد بسبب انقطاع أخباره بعد ذلك.

كان نيقولاوس كاتباً غزير الإنتاج واسع الثقافة ألّف عدداً كبيراً من الكتب في التاريخ والسير والفلسفة والشعر المسرحي، وأشهر مؤلفاته (وكلها باللغة الإغريقية):

ـ كتاب «التواريخ» Historiae، الذي ألفه بتشجيع من الملك هيرودِس وهو تاريخ عالمي في 144 مجلداً ومن أضخم التواريخ التي كتبت في العصور القديمة على الإطلاق، ولا يضارعه سوى تاريخ المؤرخ الروماني ليڤيوس Livius في (144 مجلداً)، استعرض فيه الأحداث منذ أقدم العصور حتى وفاة هيرودِس، وهو يتنامى في حجمه وتفاصيله باطراد كلما اقترب من عصره. وقد عالج في المجلدات السبعة الأولى تاريخ الشرق القديم وصولاً إلى الامبراطورية الفارسية، وهو القسم الوحيد الذي وصلنا منه مستلات واقتباسات مطولة، نقلها عنه الامبراطور البيزنطي المؤرخ قسطنطين السابع بورفيروگنيتوس Constantinus VII Porphyrogenitus من القرن العاشر الميلادي. كما عالج تاريخ الإغريق القديم والدول الهلنستية والحروب الميثريداتية ضد الرومان. واعتمد على كبار المؤرخين الإغريق والرومان في تغطية الأحداث السابقة لعصره. وقد حفظ المؤرخ اليهودي يوسيفوس Josephos أقساماً كبيرة من المجلدين 123/124 «في تاريخ اليهود القديم» (المجلدات 14-17)، واعتمد في مقدمة الحرب اليهودية وفي أخبار هيرودِس على نيقولاوس في المقام الأول، كما اقتبس من هذا التاريخ المؤرخون اللاحقون ومنهم أثينايوس Athenaios وستيفانوس البيزنطي Stephanos.

  • «سيرة القيصر أُغسطس»: التي تفيض بالثناء والمديح وتتحدث عن شباب أوكتاڤيانوس وتربيته وسيرته حتى اغتيال يوليوس قيصر عام 44ق.م، وقد استقى نيقولاوس مادتها من مذكرات أُغسطس المفقودة.
  • «السيرة الذاتية»: كتبها نيقولاوس في أواخر أيامه، تحدث فيها عن نفسه ومسيرته الثقافية ورحلته الطويلة إلى رحاب الفلسفة الأرسططالية.

كان نيقولاوس فيلسوفاً من أتباع مدرسة أرسطو، حتى إنه دُعي في العصور القديمة بالفيلسوف المشاّء. وقد ألّف مرجعاً للتعريف بفلسفة أرسطو (Compendium) أُريد به أن ينوب عن قراءة مؤلفات الفيلسوف الكبير. كما ألّف كتاباً عن غرائب العادات أهداه للملك هيرودِس، وهو يعكس اهتمام الفلاسفة المشائين بعادات الشعوب النادرة.

وينُسب إلى نيقولاوس كتابان منحولان لأرسطو أحدهما عن الكون Kosmos والآخر عن تاريخ النبات.

وقد عرف العرب هذه الكتابات الفلسفية والطبيعية وبقي منها شذرات بالسريانية والعربية.

وأخيراً تنبغي الإشارة إلى إحدى الظاهرات الغربية في ذلك العصر والمتمثلة بكتابة مسرحيات خُصصت للقراءة من تأليف بعض الفلاسفة والسفسطائيين. وهكذا ألّف نيقولاوس في سنوات شبابه - كما يفتخر في سيرته الذاتية- مسرحيات مأساوية (تراجيدية) وفكاهية (كوميدية) تعالج موضوعات مختلفة.

لم يبق من هذا الإنتاج الضخم سوى النزر اليسير الذي اقتبسه المؤرخون اللاحقون المشار إليهم وضمته مجموعة «شذرات المؤرخين الإغريق» التي أصدرها المؤرخ الألماني الكبير ياكوبي والمعروفة باسم Jacoby,Fr.Gr.Hist.


المصادر

  • محمد الزين. "نيقولاوس الدمشقي". الموسوعة العربية.
  1. ^ Nicolaus, Autobiography, Fr.136.8
  2. ^ Burns, Ross. Damascus: A History‎, p. 59.