جان-پول مارا

جان-پول مارا Jean-Paul Marat (عاش 24 مايو 1743 – 13 يوليو 1793) كان طبيباً ومنظراً سياسياً وعالماً سويسرياً اكثر ما اشتهر به هو حياته في فرنسا كصحفي وسياسي راديكالي أثناء الثورة الفرنسية. تميزت صحافته بالنارية والمواقف المتصلبة تجاه "أعداء الثورة" وانحيازه للاصلاحات الأساسية لأفقر أفراد المجتمع. وكان مارا واحداً من أكثر الأصوات تطرفاً في الثورة الفرنسية، وقد أصبح مدافعاً بشدة عن السانز-كولوت؛ وكان يبث آراءه عبر خطب عامة ومقالات متقدة، تحمل رسالته في أرجاء فرنسا. استنكار مارا لأعداء الثورة دعم الكثير من العنف الذي حدث في فترات الحروب في الثورة الفرنسية. مطاردته الدءوبة لـ "أعداء الشعب"، رسالة الإدانة المتسقة، وقدراته التنبؤية الخارقة، جلبت له ثقة الشعب وجعلته صلتهم غير الرسمية بمجموعة اليعاقبة الراديكالية التي جاءت للسلطة في يونيو 1793. ولمدة الشهرين السابقين لسقوط فصيل الجيرونديين في يونيو، كان مارا واحداً من أهم ثلاثة رجال في فرنسا، مع جورج دانتون وماكسيمليان روبسپيير. وقد قُتِل في مغطس حمامه بيد شارلوت كورداي.

جان-پول مارا
Jean-Paul Marat
Jean-Paul Marat portre.jpg
وُلِدَ24 May 1743 (1743-05-24)
توفي13 July 1793 (1793-07-14) (عن عمر 50)
سبب الوفاةاغتيال
الجنسيةفرنسي
التعليمكلية حتى بلغ السادسة عشر ثم علم نفسه
المهنةصحفي، سياسي، طبيب وعالم
العنوانDoctor
الزوجSimonne Evrard
الأنجاللا أحد
الوالدانJean (Giovanni) Mara, Louise Cabrol

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

دخول مارا 1789

لـم يكـن الاسـتيلاء علـى الباسـتيل مجـرد عمـل رمزي ومجرد سهم ضد الحكم الاستبدادي، وإنما كان عملاً أنقذ الجمعية الوطنية من الخضوع لجيش الملك في فرساي كما أنقذ حكومة باريس الجديدة من أن تحكم الكتائب العسكرية التي تطوق باريس سيطرتها عليها. لقد حافظت هذه العملية - بشكل غير مقصود تماما - على الثورة البورجوازية، لكنها أتاحت لأهل باريس السلاح والذخيرة، وسمحت بذلك لتطورات أبعد مدى للقوى البرولتيارية.

لقد أدى سقوط الباستيل إلى إعطاء دفعة جديدة، للصحف التي زاد ولع الباريسيين بها فزاد عدد قرائها. وكانت صحيفة فرنسا Gazette de France) جازيت دي فرانس) ومؤشر فرنسا Mercure de France) مركير دي فرانس) وجريدة باريس Journal de Paris) جرنال باريس) من الصحف القديمة التي ظلت محافظة على مستواها بعد أحداث الثورة، أما الآن فقد أصدر لوستالو Loustalot صحيفة ثورات باريس Les Revolutions de Pris في 17 يوليو 1789 وأصدر بريسو Brissot الوطني الفرنسي (لوباتريوت فرانسيه) (LePatriote Francais) في 28 يوليو، وأصدر مارا Marat صديق الشعب (لامى دي بيبل (L`Ami du peuple في 12 سبتمبر، وأصدر دى موليه Desmoulins صحيفة ثورات فرنسا Revolutions de France في 28 نوفمبر..... وبالإضافة لهذه الصحف كانت اثنتا عشرة نشرة تظهر كل يوم تصفق لحرية الصحافة، وترفع صورا جديدة. وقيما جديدة، وتحطم ما جرى العرف على توقيره.

ويمكننا أن نتخيل محتوى هذه النشرات بملاحظة أصل الكلمة Libel والذي يعنى "يطعن أو يقذق أو يشهر" فمن هذه الكلمة كان المسمى الفرنسي لهذه النشرات وهو ليبل Libelles أي الكتب الصغيرة المخصصة للسب والهجاء.

وكان جان - بول مارا Jean - Paul Marat هو أكثر هؤلاء الصحفيين الجدد راديكالية وتهورا وقسوة وكان هو أقواهم وأكثرهم تأثيرا. ولد في نوشاتل Neuchatel في سويسرا في 24 مايو سنة 1743 من أم ملكية وأب سرديني Sardinian) من سردينيا) ولم يكف أبداً عن تبجيل روسو Rousseau وهو وطني آخر اغترب عن بلده. درس مارا الطب في بوردو Bordeaux وباريس، ومارسه في لندن(1765-1777) وحقق قدراً معقولاً من النجاح في هذه المهنة. أما القصص التي رويت بعد ذلك عن الجرائم والسخافات التي ارتكبها فربما كانت من تدبير أعدائه في جو الحرية الصحفية التي أسيىء استخدامها في ذلك الوقت(20). ومنحته جامعة سانت أندرو St.Andrews درجة فخرية (شرفية)، وعلى أية حال فهي درجة كما قيمها جونسون Johnson كانت أهميتها تزداد على وفق الدرجات العلمية السابقة عليها(21). وقد كتب مارا بالإنجليزية ونشر في لندن (1774) كتابه قيود العبودية The Chains of Slavery وهو شجب عنيف للحكومات الأوروبية باعتبارها مجموعة من المتآمرين من الملوك واللوردات والإكليروس لخداع الشعوب والاحتفاظ بولائها وتبعيتها. وعاد مارا إلى فرنسا في سنة 1777 وعمل طبيباً بيطرياً في إسطبلات كونت درتوا Comte d` Artois ثم رقي طبيباً لحرس مخافر الكونت. وحقق بعض الشهرة في علاج الرئة وفي طب العيون. ونشر بحوثاً في الكهرباء والضوء والبصريات والنار، وترجمت بعض بحوثه إلى الألمانية. وظن مارا أنه جرى تعيينه لعضوية أكاديمية العلوم Academic des Sciences ولكن هجومه على نيوتون Newton جعله موضع شك الأكاديميين.

وكان مارا Marat رجلا شديد الكبرياء، وكانت العلل الجسدية تتناوب عليه فتعوقه وتجعله نزقـا سـريع الغضـب إلى حـد الهيـاج الشديد. وكان مصابا بالتهابات جلدية جعلته يجد راحة لبعض الوقت في الجلوس في الماء الساخن، وكان يكتب وهو بالفعل جالس في هذا الماء الساخن(22) وكان ذا رأس ضخم جداً إذا قورن بطوله الذي لا يزيد عن خمسة أقدام، وكانت إحدى عينيه أعلى من العين الأخرى. من المفهوم إذن لم كان يفضل العزلة. وكان الأطباء يعالجونه بفصد دمه بين الحين والحين لتخفيف آلامه. وكان يعمل بجد شديد وكان يقول عن نفسه إنني لا أقضي في النوم سوى ساعتين.. إنني لم أستمتع بخمس عشرة دقيقة من اللعب طوال أكثر من ثلاث سنين "(23). وفي سنة 1793 أصيب بداء الرئة وشعر أنه لن يعيش طويلا، وربما كانت إصابته هـذه بسـبب طـوال مكوثه في البيـت. وكانـت هـذه الحقائـق غير معروفة لشارلوت كورداى Charlotte Corday. لقد تأثرت شخصيته بعلله الجسدية، فعوض نقصه بالخيلاء والغرور وعمل تقلب مزاجه وادعاؤه العظمة وشجبه الضاري لكل من نيكر Necker ولافاييت Latayette ولافوازيه Lavoisier ودعوته المجنونة للعنف الجماهيري.. كل أولئك زاد من وطأته قدر من الشجاعة والحرفية والتكريس.

ولا يرجع نجاح جريدته لمجرد المبالغات المثيرة التي يتسم بها أسلوبه فحسب وإنما يرجع في الأساس إلى تأييده المتواصل والمتحمس للبرولتياريا الذين لا أصوات لهم، ذلك التأييد الذي كان لا ينطوي على أي نوع من الرشوة.

ومع هذا فهو لم يكن يبالغ في تقدير ذكاء الشعب. لقد كان يرى الفوضى ضاربة أطنابها، وأضاف إليها فوضى جديدة من عنده لكنه على الأقل في ذلك الوقت لم يكن يدعو إلى الديمقراطية وإنما إلى الديكتاتورية والثورة والاغتيال تماما كما كان يحدث في أيام روما الجمهورية، بل إنه قد اقترح أن يكون نفسه هو هذا الديكتاتور المطلوب(42). وفي بعض الأوقات كان يرى أن الحكومة يجب أن تكون في قبضة الملاك (أصحاب الثروة) طالما أن لديهم العصا الطولى التي تستخدم لصالح الجمهور(52). وكان يعتبر تركز الثروة أمر ا طبيعيا لكنه اقترح موازنة ذلك بالدعوة إلى أن الرفاهية أمر ينطوي على الفسق، وإلى الحق المقدس للجائع والمحتاج.

"لا شيء فائض عن الحاجة يمكن أن يكون من وجهة نظرنا شرعيا طالما أن الآخرين يعانون من نقص الضروريات... فمعظم الثروات الكنسية يجب أن يتم توزيعها على الفقراء، ولا بد من إنشاء المدارس المجانية في كل مكان "(62) " إن المجتمع يضم أولئك الذين لا يملكون شيئا والذين قلما يكفي حصاد عملهم لإعاشتهم، والمجتمع ملزم بالنسبة لهؤلاء أن يدبر لهم مورد رزق لتمكينهم من إطعام أنفسهم والسكنى واللباس بشكل مناسب، وعلى المجتمع أن يدبر الوسائل لعلاج المرضى منهم ورعاية كبار السن وتدبير وسائل تنشئة أطفالهم. وهؤلاء الذين يتمرغون في الثروة والنعيم لا بد لهم من إمداد المعوزين بضروريات الحياة" وإن لم يفعلوا يصبح من حق الفقراء أن يحصلوا بالقوة على ما يحتاجونه(72).

وقد ارتاب معظم أعضاء الجمعيات المتتابعة في مارا وخافوا من أفكاره، لكن السانز كولوت Sans culottes ( الذين لا يرتدون سراويل >بناطيل< قصيرة(ü)) من بينهم كانوا يتسامحون مع أخطائه بسبب فلسفته، بل وكانوا يخاطرون بإخفائه إذا ما جدت الشرطة في البحث عنه. ولا بد أن مارا Mara كان يتحلى ببعض الصفات المحبوبة لأن رفيقته(زوجته التي تزوجها عرفيا أي بمجرد اتفاق الطرفين دون طقوس كنسية) ظلت مخلصة له إلى النهاية.


المؤتمر الوطني

 
"انتصار مارا": نقش شهير لمارا محمولاً على أعناق جماهير فرحة بعد إعلان براءته.

لقد كان مارا Marat - وليس دانتون ولا روبيسبير - هو الذي ناصر البروليتاريا وناضل من أجلها، وقد غير مارا عنوان جريدته ليصبح "جريدة الجمهورية الفرنسية Journal de la République Francaise ". لقد بلغ الآن التاسعة والأربعين من عمره (كان عمره روبيسبير في الرابعة والثلاثين، وكان دانتون في الثالثة والثلاثين) ولم يبق له لينهي حياته سوى أقل من عام لكنه ملأ هذه الفترة بانشغاله بمعركة عنيدة وصلبة ضد الجيرونديين باعتبارهم أعداء للشعب وباعتبارهم ممثلين للبورجوازية التجارية الصاعدة التي ظهر أنها تعمل على استخدام الثورة سلاحاً سياسياً لصالح "المشروعات والنشاطات الاقتصادية الحرة" التي يتسم بها الاقتصاد الحر، وكان نقده الساخر وخطبه اللاذعة تتردد في باريس ومنها وتثير الأحياء (الأقسام) وتحرضها على التمرد وتشيع في المؤتمر الوطني روح العداوة العامة، وقد شجب الجيرونديون ما أسموه "بحكومة الثلاثة" ويقصدون دانتون وروبسپيير ومارا، لكن دانتون تبرأ منه وتنكر له، وتحاشاه روبيسبير فجلس مارا مع الجبليين (اليسار) لكنه كان عادة منفرداً وحيداً بلا أصدقاء. وفي 25 سبتمبر سنة 1792 قرأ ڤرجنيو Vergniaud وآخرون في المؤتمر الوطني وثيقة تفيد أن مارا Marat كان قد دعا إلى دكتاتورية وأنه كان قد تسبب في الإثارة التي أدت إلى المذبحة، وعندما هب مارا (نصير الشعب) للدفاع عن نفسه، هوجم بغير هواده بصيحات "اجلس!" فقال "يبدو أن هناك أعداء كثيرين لي في هذا المؤتمر" فصرخ الجيرونديون: "كلنا أعداؤك". وعمل مارا على تكرار طلبه بقيام دكتاتورية على النمط الروماني المحدود واعترف بتحريضه على العنف لكنه برأ دانتون وروبيسبير من أي مشاركة في خططه، واقترح واحد من النواب القبض عليه ومحاكمته بتهمة الخيانة لكن هذه الحركة لم تنجح، وأخذ مارا مسدسه من جيبه وصوبه إلى رأسه وأعلن:"إذا صدر مرسوم باتهامي فسأنثر مخي عند أقدام الشعب"(8).

وكان موقف الجيرونديين الذين قادوا فرنسا في الحرب على الأعداء - قويا في هذه الشهور بسبب انتصارات جيش فرنسا وانتشار القوات الفرنسية والأفكار الثورية.

وحمل مارا Marat لواء المطالبة بأن يكون التصويت على المحاكمة علناً حتى يضع الجيرونديين المترددين تحت رحمة السانز-كولوت (الذين لا يرتدون سراويل >بناطيل< قصيرة) في الممرات والشوارع.

وقد عارض روبيسبير ومارا وسان-جوست Saint-Just حركة طرح هذا القرار (الحكم) للتصديق أو دعوة الشعب الفرنسي للاقتراع عليه من خلال جمعيات القاعدة Primary assemblies، ولم يحظ هذا الاقتراح بالقبول فقد عارضه 424 ولم يوافق عليه سوى 287، لأن دعوة الشعب إلى مثل هذا الاقتراع تعني استفتاءهم على عودة الملكية، كما قال سان جوست.

وقد صوت مارا Marat لإعدام الملك في ظرف أربع وعشرين ساعة.

واستطاع دانتون وروبيسبير ومارا نزع نادي اليعاقبة من سياساته البورجوازية الأصلية ليجعلوه أقرب إلى الأفكار الراديكالية.

وراح مارا Marat يوما بعد يوم يشن الحرب ضد الجيرونديين باعتبارهم حماة للأثرياء.

وكثف مارا Marat هجومه على الجيرونديين حتى إنهم في ثورة غضبهم استصدروا في 14 أبريل سنة 1793 مرسوما من المؤتمر الوطني بإحالته إلى المحكمة الثورية لدفاعه عن القتل ودعوته إلى الدكتاتورية. وعند محاكمته تجمع عدد كبير من السانز-كولوت (الذين لا يرتدون سراويل قصيرة أي الشريحة الدنيا من الطبقة الثالثة) في قصر العدل والشوارع المفضية إليه يطالبون "بالانتقام من أي حماقة ترتكب ضد حاميهم الأثير لديهم"، وعندما خاف المحلفون أطلقوا سراحه فحمله أتباعه في موكب نصر على أكتافهم إلى المؤتمر الوطني وهناك هدد بالانتقام من متهميه، ومن هناك حملته الجماهير المبتهجة إلى نادي اليعاقبة وهناك جعلوه على مقعد الرياسة(24). وواصل مارا معركته مطالب بطرد الجيرونديين من المجلس الوطني باعتبارهم خونة الثورة البورجوازيين bourgeois betrayers of the revolution.

وحقق مارا Marat مكسبا خطيرا عندما أصدر المؤتمر الوطني - رغم اعتراض الجيرونديين وتحذيرهم - مرسوما بوضع حد أقصى لأسعار الحبوب في كل مرحلة من مراحل انتقالها من المنتج إلى المستهلك وأمر الجهات الحكومية بأن يصادروا من الزراع الإنتاج كله اللازم لمواجهة الاحتياجات(25).

وفي 27 مايو طالب مارا Marat في المؤتمر الوطني بقمع اللجنة (لجنة الجيرونديين الآنف ذكرها) "لانها معادية للحرية ولأنها تميل إلى الحث على معارضة الشعب ومقاومته، وهذا التهديد مصلت فوق الرأس قريب الحدوث بسبب الإهمال الذي وقعتم فيه بالسماح بارتفاع أسعار البضائع ارتفاعا فظيعاً". وفي تلك الليلة مهد الجبليون (اليسار) الطريق لاتخاذ إجراء بإلغاء اللجنة (لجنة الجيرونديين الآنف ذكرها) وجرى التصويت الذي كانت نتيجته هذا الإلغاء، بأغلبية 279 ضد 238 . وفي 30 مايو انضم دانتون إلى روبسپيير ومارا للدعوة إلى "نشاط ثوري أو هبة ثورية Revolutionay Vigor".

مصرع مارا 13 يوليو 1793

 
"مصرع مارا"، بريشة جاك-لوي داڤيد، 1793.

ولجأ ثلاثة من الجيرونديين هم بتيو Pètion وباربارو Barbaroux وبوزو Buzot إلى كان Caen حيث وجدوا الحماية، وكانت هي الحصن الشمالي "للفدراليين Federalist " الذين يعارضون هيمنة أهل باريس على الحكومة الوطنية. وراحوا يلقون الخطب ليشجبوا السانس كولوت (ذوي السراويل >البناطيل< الطوال) والمتحدثين باسمهم خاصة مارا Marat ونظموا مظاهرات عسكرية للاعتراض ونظموا جيشا للتقدم صوب العاصمة.

وكانت شارلوت كورداي Charlotte Corday من بين أكثر المستمعين إليهم حماسة وتعاطفا، وهي تنحدر من سلالة المسرحي بيير كورني Pierre Corneille سليلة أسرة مؤيدة للنظام الملكي بشدة، وكانت أسرتها قد أصابها الفقر فتعلمت شارلوت في دير للراهبات وخدمت مدة عامين كراهبة وأتاحت لها الظروف قراءة بلوتارخ Plutarch وروسو Rousseau بل وحتى فولتير Voltaire، وقد تركت إيمانها (تشككت في المسيحية) وفتنت بأبطال روما القديمة. وقد صدمت عندما سمعت بقتل الملك الفرنسي (لويس السادس عشر) وكانت ممتعضة بسبب ما أثاره مارا Marat من سخط على الجيرونديين. وفي 20 يونيو سنة 1793 زارت باربارو Barbaroux وكان وقتها في السادسة والعشرين وكان وسيما جدا حتى أن مدام رولان Mme - Roland شبهته بأنطونيوس محبوب الإمبراطور هدريان. وكانت شارلوت تقترب من الخامسة والعشرين، وكان عقلها مشغولا بأمور أخرى بالإضافة إلى الحب، وكل ما طلبته هو خطاب تعريف لنائب في المؤتمر الوطني ليرتب لها لقاء مع المؤتمر، فكتب لها باربارو خطاب تقديم إلى لوز دوبرى Lauze Duperret، وفي 9 يوليو استقلت مركبة عمومية إلى باريس فوصلتها في 11 يوليو واشترت سكين مطبخ يبلغ طول نصلها ست بوصات، ودبرت أن تدخل قاعة اجتماع المؤتمر الوطني وتقتل مارا Marat على مقعده لكنها علمت أن مارا مريض ومقيم في منزله، فحصلت على عنوانه وذهبت إليه لكن لم يسمح لها بالدخول إذ قيل لها "السيد في الحمام" فعادت إلى محل إقامتها.

 
Marat's death mask

لقد كان الحمام الآن هو "المكتب الأثير" لدى مارا Marat، فقد تفاقم مرضه الذي يظهر أنه كان نوعا من الدرن الجلدي (السلية الجلدية) أو الاسكروفولا Scrofula وكان يجد راحة من آلامه بالجلوس مغمورا في الماء الدافىء حتى وسطه، وكانوا يضيفون له في هذا الماء المواد المعدنية والأدوية، وكان يضع قطعة قماش للتجفيف (منديلاً ) فوق كتفيه، ويلف حول رأسه منديلا كبيرا مبللاً بالخل، وكان يحتفظ بالأوراق والقلم والمحبرة فوق متسع على حافة الحوض، وكان يكتب يوما بعد يوم المادة المطلوبة لصحيفته على هذه الحافة وهو في هذا الحوض(32). وكانت أخته ألبرتين Albertine تتولى العناية به ، ومنذ سنة 1790 أصبح موضع رعاية من خادمته سيمون إيفارد Simone Evard التي تزوجها زواجا غير موثق كنسيا (لم يعقد أمام الإكليروس) وانما "أمام الله Supreme being أو الموجود الاسمي، ... في معبد الطبيعة الواسع"(33).

وأرسلت شارلوت Charlotte من مقر إقامتها طلباً لمقابلته: "لقد قدمت من كان Caen، إن حبك لأمتك يجب أن يجعلك متنبها للمؤمرات التي تحاك هناك. إنني في إنتظار إجابتك"(43). ولم تطق شارلوت صبرا حتى تتلقى الإجابة، ففي مساء 13 يوليو طرقت باب داره مرة أخرى، فلم يسمح لها بالدخول ولكن مارا Marat سمع صوتها فطلب السماح لها بالدخول واستقبلها بترحيب وأمر لها بمقعد فجلست فقربت مقعدها منه، فسألها: "ماذا يجرى في كان Caen؟" (أو هكذا روت شارلوت فيما بعد هذا الحوار الغريب) فأجابت: "ثمانية عشر نائبا من المجلس الوطني يحكمون هناك بالتآمر مع مسئولي المحافظة" فسألها: ما أسماؤهم، "فذكرتها له، فكتبها، , وأصدر حكمه التالى: ستجز المقصلة رقابهم" وعندئذ سحبت شارلوت سكينها وطعنته في صدره بكل قوتها حتى أن نصل السكين اخترق الأورطي aorta وتفجر الدم أثر الطعنة، فصرخ مناديا سيمون Simonne " أسرعي إلى .. أسرعي إلى يا صديقتي العزيزة" فأقبلت سيمون فمات بين ذراعيها، واندفعت شارلوت خارجة من الحجرة فاعترضها رجل وكف مقاومتها مستخدما كرسيا، وتم استدعاء البوليس فقبض عليها، فقالت:"لقد أديت واجبي فلندعهم - أي رجال الشرطة - يؤدون واجبهم"(35).

ولا بد أن مارا Marat كان يتمتع ببعض الصفات الطيبة فقد اجتمعت على حبه امرأتان تنافستا في ذلك ونذرت أخته نفسها فيما تبقى من عمرها لتوقير ذكراه.

وكان مارا في وقت من الأوقات طبيبا ناجحا، ولم يترك عند مماته شيئا سوى بعض المخطوطات العلمية وخمسة وعشرين سو(36) Sous وكان مارا Marat متعصبا لكنه أخلص للجماهير الذين نسيتهم الطبيعة والتاريخ، واحتفظ نادي الكوردليير(نسبة إلى مقرهم في دير فرسسكاني) بقلبه كأثر مقدس (ذي طابع ديني كرفات القديسين)، وأقبل الآلاف لإلقاء نظرة عليه "بتوقير صامت وقد كتموا أنفاسهم"(37) وفي 16 يوليو تبع جثمانه أعضاء المجلس الوطني المتبقون كلهم وخلق كثير من رجال ونساء أتوا من الأحياء (الأقسام) الثورية، إلى مثواه في بساتين الكوردليير (نسبة إلى دير فرنسسكاني جعلوه مقراً لهم) ونصب تمثاله الذي نحته دافيد David في قاعة المؤتمر الوطني وفي 21 سبتمبر سنة 1794 نقل رفاته إلى البانثيون Panthèon (مدفن العظماء).

وكانت محاكمة شارلوت قصيرة فقد اعترفت بفعلتها لكنها لم تعترف بأنها مذنبة، فقد قالت إنها لم تفعل سوى الانتقام لضحايا مذبحة سبتمبر، وقالت لقد قتلت "رجلا لأنقذ مائة ألف رجل"(38) وكتبت في خطاب إلى باربارو Barbaroux بصراحة قائلة "إن الغاية تبرر الوسيلة"(39) وبعد ساعات قليلة من اعترافها تم إعدامها في ميدان الثورة، وواجهت بزهو لعنات الجماهير التي حضرت تنفيذ الحكم فيها ورفضت عرض أحد القسس تلقينها العبارات التي يقولها الكاثوليكي عند الموت ورفضت قيامه بطقوس دينية قبل إعدامها(40).

لقد ماتت شارلوت قبل أن تتحقق من أن فعلتها (قتل مارا) فيها هلاك الجيرونديين الذين كانت تظن أنها تخدمهم بفعلتها هذه. وقال فيرنيو Vergniaud للجيرونديين مسامحاً إياها ومدركاً لأبعاد فعلتها:"لقد قتلتنا، لكنها علمتنا كيف نموت"(14).

أعمال

Besides the works mentioned above, Marat also wrote:

  • Recherches physiques sur l'électricité, &c. (1782)
  • Recherches sur l'électricité médicale (1783)
  • Notions élémentaires d'optique (1784)
  • Lettres de l'observateur Bon Sens à M. de M sur la fatale catastrophe des infortunés Pilatre de Rozier et Ronzain, les aéronautes et l'aérostation (1785)
  • Observations de M. l'amateur Avec à M. l'abbé Sans . . . &c., (1785)
  • Éloge de Montesquieu (1785) (provincial Academy competition entry first published 1883 by M. de Bresetz)
  • Les Charlatans modernes, ou lettres sur le charlatanisme académique (L'Ami du Peuple, 1791)
  • Les Aventures du comte Potocki (unpublished manuscript first published in 1847 by Paul Lacroix)
  • Lettres polonaises (unpublished manuscript first printed in English in 1905; recently translated into French but authenticity disputed)

التمثيلات الفنية والمسرحية

  • Peter Weiss wrote a play titled The Persecution and Assassination of Jean-Paul Marat, as performed by the inmates of the Asylum of Charenton under the direction of the Marquis de Sade, (1963) also known as Marat/Sade. A motion picture based on Weiss' play was produced in 1964 (US 1966) under the direction of Peter Brook, and featured performances by the Royal Shakespeare Company.
  • The Marquis de Sade wrote an admiring eulogy for Marat.
  • He appears in Abel Gance's epic silent masterpiece Napoleon (1926) played by Antonin Artaud.
  • The Palace of Versailles, a song about the French Revolution from Al Stewart's 1978 album Time Passages, includes the line "Marat, your days are numbered."
  • Rock group R.E.M.'s song We Walk from their 1983 album Murmur features a lyrical reference to "Marat's bathing."
  • Marat/Sade is a Richard Peaslee composition featured on the Judy Collins album, "In My Life."
  • The Big Gloom, by Have a Nice Life depicts lyrically the assassination of Marat.

مأثورات

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

انظر أيضاً

المراجع

  • ديورانت, ول; ديورانت, أرييل. قصة الحضارة. ترجمة بقيادة زكي نجيب محمود.
  • تحوي هذه المقالة معلومات مترجمة من الطبعة الحادية عشرة لدائرة المعارف البريطانية لسنة 1911 وهي الآن من ضمن الملكية العامةarticle "Marat, Jean-Paul".


The 1911 Encyclopædia Britannica, in turn, gives the following references:

  • The Correspondance de Marat has been edited with notes by C. Vellay (2006)
  • Conner, Clifford D., Jean Paul Marat: Scientist and Revolutionary (1997, Humanity Books)

Edited by Pôle Nord – Brussels:

  1. 1989–1995 : Jean-Paul Marat, Œuvres Politiques (ten volumes 1789–1793 – Text: 6.600 p. – Guide: 2.200 p.)
  2. 2001:Marat en famille – La saga des Mara(t) (2 volumes) – New approach of Marat's family.
  3. 2006: Plume de Marat – Plumes sur Marat (2 volumes) : Bibliography (3.000 references of books and articles of and on Marat)

وصلات خارجية

  اقرأ اقتباسات ذات علاقة بجان-پول مارا، في معرفة الاقتباس.

جان-پول مارا in German, French and Italian in the online Historical Dictionary of Switzerland.