بَلِيْ : بفتح الباء وكسر اللام وياء آخر الحروف بطن من قضاعة القحطانية (1) ، النسبة إليهم بلوي ، وبلي هو : بلي بن عمرو بن الحافي بن قضاعة بن مالك بن حمير بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان . قال ابن حجر في الفتح : أما بلي فبفتح الموحدة وكسر اللام الخفيفة بعدها ياء النسب: قبيلة كبيرة ينسبون إلى بلي بن عمرو بن الحاف بن قضاعة .

وقبيلة بلي قبيلة كبير عريقة بعمق نسبها إلى قضاعة وقد كان لها وجود له أثره في الحجاز و الشام قبل الإسلام ، ثم اتسع أثرهم ووجودهم باتساع الفتوح الإسلامية ، حتى كان لهم أثرهم في : مصر وشمال أفريقيا ثم المغرب والأندلس .

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ديار بلي

في الحجاز والشام

قال الهمداني : " ديار بليّ: أمج وغران وهما واديان يأخذان من حرة بني سليم وينتهيان في البحر وهجشان والجزل والسُّقيا والرُّحبة، وأما معدن فران فإنه نسب إلى فران بن بليّ " . وقال أيضاً في موطن آخر : ثم من منقطع دار جهينة دار بليّ إلى حد دار جذام بالنّبك على شاطىء البحر ثم عينونا من خلفها ثم لها ميامن البر إلى حد تبوك ثم إلى جبال الشراة ثم إلى معان راجعاً إلى أيلة إلى أن تقول المغار: ها أناذه ، ثم قال : وأما ما تياسر نحو البحر من بلد القبط فهو يماني فيه بليّ ولخم ومن قيس ولفائف من الناس ... إلى آخر كلامه . (2)

وفي الحاضر : يتمركز أكثر أبناء القبيلة في الجزيرة العربية في مدن : العلا والوجه وتبوك ، وما تبعها من قرى. وفي الشام في الأردن في: الزرقاء وغور البلاونة ومدينة الشوبك وراجب والكرك ومأدبا وغيرها .(3)

في مصر

فقد قال عن بلي أبو سعد السكري: نزل أكثرهم مصر .(4) ، ثم تفرقوا في مصر على مناطق عدة . قال قدامه بن جعفر البغدادي في نهاية الأرب عن بطون عدة من بلي : ومساكنهم ببلاد منفلوط‏ وأسيوط . وقال عن بلي أيضاً : وديارهم اخميم وما تحتها.

وفي معجم البلدان للحموي : مَرْج بني هُمَيْم : بالصعيد من مصر شرقي النيل يسكنه قبيلة من العرب أظنها من بليّ.

وقال أيضاً : وما زالت مصر منازل العرب من قُضاعة وبليّ واليمن، ألا ترى إلى جميل حيث يقول: إذا حلّتْ بمصرَ وحلّ أهلي بيثربَ بينَ آطامٍ ولوبِ مجاورة بمسكنها تُجيباً، وما هي حين تسأل من مُجيب

وفي الحاضر لازال أبناء القبيلة في تلك المناطق في سيناء وخميم الصعيد وغيرها حتى الآن .

الشمال الأفريقي

ذُكر منهم أعلام في تونس والمغرب والقيروان وغيرها ، ولم أقع على منازل محددة لهم فيها . وفي الحاضر لهم مناطقهم في شمال أفريقيا في القيروان وغيرها .(5)

في الأندلس

قال في نفح الطيب : ومنهم من ينتسب إلى بليّ بن عمرو بن الحاف بن قضاعة، ومنهم البلويّون بإشبيلية.ا.هـ.(6) وديارهم باسمهم شمال قرطبة ، وهم في غيرها أيضاً .

وفي الحاضر : لهم في أسبانيا ديار تعرف باسمهم إلى يومنا هذا وهم لازالوا ينتسبون لبلي وعلى عاداتهم العربية الأصيلة .(5)

أعلام بلي

فمن بلي كثير من من الصحابة والتابعين والشعراء وغيرهم . (7)

وقبل أن نعرج على ذكر بعض أعلامهم من الصحابة يحسن ذكر وفد قبيلة بلي على الرسول صلى الله عليه وسلم : قال ابن القيم في الزاد :

قدوم وفد بَليّ على الرسول

وقدم عليه وفد بَليَ في ربـيع الأول من سنة تسع، فأنزلهم رويفع بن ثابت البَلَوي عنده، وقَدمَ بهم على رسول الله ، وقال: هؤلاء قومي، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَرحَباً بكَ وَبقَومكَ»، فأسلموا، وقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الحَمد لله الذي هَداكم للإسلاَم، فَكلّ مَن مَاتَ عَلىٰ غَير الإسلام، فَهوَ في النار»، فقال له أبو الضّبَـيب شيخ الوفد: يا رسول الله إن لي رغبة في الضيافة، فهل لي في ذٰلكَ أجر؟ قال: «نَعَم، وَكلّ مَعروفٍ صَنَعتَه إلى غَنيَ أو فَقيرٍ، فَهوَ صَدَقَة»، قال: يا رسول الله ما وقت الضيافة؟ قال: «ثَلاَثَة أيامٍ، فما كَانَ بَعدَ ذٰلكَ فَهوَ صَدَقَةٌ، ولا يَحلّ للضيف أَن يقيمَ عندَكَ فَيحرجَك»، قال: يا رسولَ الله أرأيتَ الضالة من الغنم أجدها في الفلاة من الأرض؟ قال: «هيَ لَكَ أَو لأَخيكَ أَو للذئب»، قال: فالبعير؟ قال: «مَا لَكَ وَلَه، دعه حَتى يَجدَه صَاحبه»، قال رويفع: ثم قاموا فرجعوا إلى منزلي، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتي منزلي يحمل تمراً، فقال: «استَعن بهذا التمر»، وكانوا يأكلون منه ومن غيره، فأقاموا ثلاثاً، ثم ودٰعوا رسول الله ، وأجازهم، ورجعوا إلى بلادهم.

أعلام بلى من الصحابة

ومنهم من الصحابة : كعب بن عجره وأبو الهيثم بن التيهان حليف بني عبد الاشهل، ومعن وعاصم ابنا عدي بن ابحر بن عجلان، وطلحة بن البراء والمجذّر بن زياد وأبو بردة بن نيار وعباد بن الخشخاش وسَهْل بن رافع صاحبُ الصَّاع وأبو الربداء وأنيسة بنت عدي وثابت بن أقرم وهو الذي حمل الراية بعد بن رواحة وسلمها لخالد ، ومعتب بن عبيد وأخوه لأمه عبد الله بن طارق ممن استشهد من العشرة الذين غدروا بسرية الرجيع وغيرهم كثير رضي الله عنهم أجمعين .

وقد ذكر صاحب الإصابة ممن نسب بلوياً ما يربو على 57 صحابياً .. وكذا في الاستيعاب ما يزيد على 42 صحابياً .

وكثير من بلي الصحابة كانوا حلفاء للأنصار من قبل هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم ، وكانت لهم مكانتهم المرموقة بين الأوس والخزرج ، قبل الإسلام وبعده . ولذلك فمن من يذكر الثمانية الذي التقاهم الرسول صلى الله عليه وسلم قبل بيعة العقبة الأولى سيجد من بينهم ثلاثة نفر من بلي ، هم أبو الهيثم بن التيهان البلوي ، ويزيد بن ثعلبة البلوي ، وعويم بن ساعدة .(8)

وعدد من شهد العقبة الأولى من بلي 3 ، من بين 12 صحابياً . وكذلك كان عددهم في نقباء العقبة الثانية ، وأما من شهد بيعة العقبة الثانية من بلي "فخمسة" رجال على الأقل . (9)


أعلام قبيلة بلي سوى الصحابة

فمن القواد والفاتحين : زهير بن قيس البلوي فاتح شمال أفريقيا وخليفة عقبة على القيروان، وهو الذي قتل كسيلة النصراني الذي قتل عقبة بن نافع، قتلته الروم، ببرقة.

ومنهم: موسى بن نصير الفاتح المشهور : من أراشة من بليّ ، وليّ غزو البحر لمعاوية، فغزا قبرص، وبنى هنالك حصوناً كالماغوصة وحصن بانس وغير ذلك من الحصون التي بناها بقبرص، وكان نائب معاوية عليها بعد أن فتحها معاوية في سنة سبع وعشرين .(10) ، وهو فاتح الأندلس وابنه عبد العزيز وليها بعده .

ومن الشعراء من بلي :

كثر ، قال ابن ماكولا: منهم جماعة من الصحابة والتابعين والشعراء وغيرهم.

فمنهم الأشعر البلوي، قال في القاموس المحيط : و الأَشْعَرُ : اسمُ شاعِرٍ بَلَوِيٍّ. والأجدع بن الأيهم البلوي، المثلم البلوي ، وغيرهم . وأما الشعراء البلويون في الأندلس فكثير ، وقد أحصيت منهم ممن تُتبعت أشعارهم وجُمعت في التصانيف المشهورة ما يزيد على 15 شاعراً.

ومنهم من العلماء والفقهاء والقضاة : خلق كثير ، وخاصة في مدن الأندلس في قرطبة ومالقة وإشبيلية وسبتة وغيرها . وفي كتب الأعلام عشرات منهم . من أشهرهم أبو الحجاج يوسف بن محمد البلوي صاحب كتاب ألف باء . وأصبغ بن عبد الله البلوي ، وأبو البقاء خالد بن أبي خالد البلوي ، وخطيب مالقة محمد بن عبد الله ، و العلامة ابن داود البلوي الأندلسي .(11)

في العصور القريبة

فقد كان للقبيلة دور ريادي في الأحداث التي مرت على منطقة سكناها .

ففي مصر : كان موقفهم مشرفاً حيال جهود الاستعمار الفرنسي المتمثلة بحملات "نابليون بونابرت" ، قال الجبرتي : "ولكن نابليون بونابرت واجه مقاومة شديدة ضده وكانت هذه المقاومة تتخذ الإسلام عقيدة لها فما كان من نابليون بونابرت إلى أن أعلن إسلامه (كذباً) لكي يكسب قلوب المسلمين ويثبت أقدامه على مصر. ولكن هذه الحيلة لم تنطلي على المقاومة الإسلامية في ذلك الزمان وكان من أهم الذين يحرضون المسلمين على مقاومة المستعمر الكافر هم قبيلة بلي ومعهم قبيلة العيايدة الذين كانوا يحرضون الفلاحين وينهبون مستودعات ذخيرة الجيش الفرنسي إلى أن انجلى الاستعمار الفرنسي الكافر من مصر ...." وقال في موطن آخر : " وقد قرأت في أحد الكتب – لا يحضرني اسمه الآن – انه ورد في مذكرات نابليون قوله" سوف أعود لمصر مرة أخرى ولكن ليس لأستعمرها وإنما لأؤدب قبيلتي بلي والعيايدة " .(12) وقال الطيب : أهم ما يذكر لبلي قبل حكم محمد علي هو نضالها المستمر ضد غزو نابليون بونابرت في حملته على مصر عام 1798م حتى عام 1801م. (13)

وكان لهم دور في الإشراف على حكم الدولة العثمانية في مناطق الحجاز الشمالية في الوجه والعلا وضواحيهما ، وذلك في حماية الحجاج وكف شرور البدو عنهم . وتواصل ذلك في حكم الأشراف مِن بعدهم ..

وفي عصرنا الحاضر لازال لقبيلة بلي الوجود المؤثر في أنحاء المملكة – حفظها الله – في شتى مناحي الحياة الثقافية والاجتماعية والتعليمية ، ولهم أيضا وجود وأثر في الأردن ومصر وغيرها .


المصادر

  • د/ يوسف بن عبد الله البلوي

الهامش

(1) والخلاف في كون قضاعة عدنانية أو قحطانية معلوم مشهور ، انظر البداية والنهاية وتاريخ ابن خلدون وغيرها .

(2) صفة جزيرة العرب للهمداني .

(3) انظر موقع قبيلة بلي الرسمي .

(4) الاكتساب في تلخيص الأنساب .

(5) ذكر لي ذلك الشيخ / حمود بن حمدان العرادي البلوي أنه زار بنفسه أبناء بلي في أسبانيا وفي القيروان ووجدهم على ما ذكرت .

(6) نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب - المقري التلمساني

(7) الإكمال – ابن ماكوالا .

(8) البداية والنهاية لابن كثير ، وانظر أيضاً تاريخ دمشق لابن عساكر .

(9) المرجعان السابقان وانظر السيرة النبوية لابن هشام .

(10) البداية والنهاية لابن كثير والإصابة في تمييز الصحابة لابن حجر .

(11) انظر نفح الطيب والإحاطة وطوق الحمامة ووفيات الأعيان والصلة .

(12) عجائب الآثار في التراجم والأخبار – الجبرتي .

(13) موسوعة القبائل العربية - محمد سليمان الطيب في كتابه