الحروب البيزنطية العثمانية

الحروب البيزنطية العثمانية، هي سلسلة من النزاعات بين التورك العثمانيين والبيزنطيين أدت في النهاية إلى تدمير الامبراطورية الرومانية وصعود الدولة العثمانية.

الحروب البيزنطية العثمانية
جزء من الحروب العثمانية في أوروپا
Byzantine-Ottoman Wars-1-withborders.PNG

في اتجاه عقارب الساعة، من أعلى اليسار: أسوار القسطنطينية، الإنكشارية العثمانيون، العلم البيزنطي، المدفع البرونزي العثماني.
التاريخ1265–1479
الموقع
آسيا الصغرى، البلقان
النتيجة النصر الحاسم للعثمانيين
سقوط الامبراطورية البيزنطية
المتحاربون
 الإمبراطورية البيزنطية
 جمهورية جنوة
 جمهورية البندقية
Bandiera del Regno di Sicilia 4.svg مملكة صقلية
امبراطورية تربيزوند
استبدادية المورة
استبدادية إپيروس
إمارة تيودورو
الدويلات الپاپوية
 الدولة العثمانية


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

خلفية

أعيدت الإمبراطورية البيزنطية بلا إراقة دماء في ظل أسرة بلايولوجية جديدة عام 1261، وبقيت برغمها حوالي قرنين من الزمان وانتقص من أطرافها تقدم المسلمين في آسيا وأوربا، وتوسع الصقالبة في مؤخرتها وتناثر الأجزاء المفرقة التي استقلت عنها على يد أعدائها المسيحيين الذين استباحوا القسطنطينية عام 1204 - النورمانديين والبندقيين والجنوبيين. وتخلفت الصناعة في مد الإمبراطورية، ولكن منتجاتها كانت تحمل على سفن إيطالية لا تدفع إيراداً للخزانة. ولم يبق من الطبقة الوسطى كثيرة العدد إلا بقية وفوقها نبلاء مترفون، ومطارنة ذوو ملابس فضفاضة، لم يتعلموا شيئاً من التاريخ ونسوا كل شيء اللهم إلا امتيازاتهم. وتحتهم طبقات من رهبان مشاغبين خلطوا التقوى بالسياسة، وملاك مزارعون هبطوا إلى مستأجرين كما هبط الفلاحون المستأجرون إلى عبيد أرض وحلم العمال اليدويون بمدينة فاضلة تقوم على المساواة.وطردت ثورة في سالونيك (1341) الطبقة الأرستقراطية، ونهبت القصور وأقامت جمهورية شبه شيوعية حكمت ثماني سنوات قبل أن تقضي عليها قوات الجيش المسيرة في العاصمة.وظلت القسطنطينية مركزاً زاخراً بالتجارة بيد أن أحد الرحالة المسلمين لاحظ عام 13330 "كثيراً من البيوت المهدمة والحقول المبذورة في داخل أسوار المدينة"، وكتب السفير الأسباني روى جونزاله ده كلافيجة حوالي 1409 يقول:"في كل مكان في أنحاء العاصمة توجد القصور العظيمة والكنائس والأديرة ولكن معظمها أطلال". فقد هجر المجد ملكة البوسفور. [1]

وفي وسط هذا الاضمحلال السياسي امتزج التراث اليوناني النفيس أبداً في الفلسفة بالتقاليد البيزنطية الشرقية في العمارة والتصوير ليؤلف الأنشودة الثقافية للإمبراطورية الرومانية الشرقية.ولبثت المدارس تشرح أفلاطون وأرسطو وزينون الرواقي، وإن تحاشوا أبيقور باعتباره ملحداً، ونقح العلماء النصوص الكلاسية وذيلوها بالحواشي. وصنف ماكسيموس بلانوديس المبعوث البيزنطي إلى البندقية (مجموعة الشعر اليوناني) وترجم الآثار الكلاسية اللاتينية إلى اليونانية وأعاد بناء جسر ثقافي بين بيزنطة وإيطاليا وتوضح سيرة تيودوروس ميتوتشيتيس هذه النهضة الباليولوجية.

فلقد كان كبيرا وزراء أندرونيقوس الثاني وفي الوقت نفسه من أعلم علماء زمانه وأغزرهم إنتاجا ولقد كتب عنه نيقفورس جريجورس وهو عالم ومؤرخ يقول: ((لقد كان يقف جهده كله من الصباح إلى المساء على الشئون العامة، كأنما لا علاقة له بالدراسة ولكنه يصبح بعد مغادرته القصر وفي الجانب الأخير من المساء مستغرقاً في الدراسات بدرجة عالية كأنه دارس لا علاقة له البتة بمهمة أخرى)). وقد ألف تيودوروس في التاريخ والشعر والفلك والفلسفة، بتفوق لا يضارعه فيه يوناني آخر في هذا القرن الرابع عشر. وخسر في الثورة التي خلعت مولاه عن العرش منصبه وداره وماله وألقى به في السجن، واعتلت صحته فسمح له أن ينفق أيامه الأخيرة في دير ((المخلص)) في كورا (أي في الحقول)، الذي زين جدرانه لفسيفساء من أجمل ما في التاريخ البيزنطي.

واستعادت المناظرة القديمة بين الأفلاطونيين والأرسطيين مكانتها، فدافع الإمبراطور جون السادس كانترا كورزين عن أرسطو، بينما ظل أفلاطون إله جمستوس بليثو.ولقد درس هذا الفيلسوف الذي يعد من أشهر السفسطائيين اليونان في بروسيا بآسيا الصغرى، عندما أصبحت هذه المدينة عاصمة الزحف العثماني ودرس على أحد اليهود هناك حكمة الزرادشتيين حتى إذا عاد إلى مسقط رأسه بيلوبونيزس، وقد عاد إليها اسم موريا - ترك فيما يبدو العقيدة المسيحية. واستقر في مسترا، فأصبح قاضياً وأستاذاً في آن واحد. وكتب عام 1400 رسالة يحمل عنوان أفلاطون، ((القوانين)) اقترح فيها أن تحل ديانة الإغريق القدماء محل المسيحية والإسلام، بمجرد تحويل جميع آلهة الأولمب، ما عدا زيوس إلى مشخصات رمزية لعلميات إبداعية أو أفكار، ولم يعرف بليثو أن الأديان تولد ولا تصنع. ومع ذلك فقد اجتمع حوله التلاميذ مشغوفين، وقدر لأحدهم وهو جوهانز يساريون أن يكون الكاردينال الدارس للآثار الكلاسية في إيطاليا، ولقد صحب كل من جمستوس ويسايرون الإمبراطور جون الثامن إلى فرارا وفلورنسة (1438) لحضور المجلس الذي اتفقت في الكنيستان اليونانية والرمانية في علوم الدين وفي السياسة. وفي فلورنسة حاضر جيمستوس عن أفلاطون لصفوة من المستمعين، وكاد يتأثر عصر النهضة الإيطالية. وهناك أضاف كنية بليثو (الكامل) إلى اسمه، وأخذ يلعب باسمه جمستوس ومعناه ((التام)) وأفلاطون وعاد إلى مسترا ولم ينشط في علوم الدين، فأصبح كبير أساقفة ومات بالغا من العمر خمسا وتسعين سنة (1450).


وكان البعث الفني ملحوظاً كعودة الفتوة إلى الآداب. وكانت الموضوعات والرسوم لا تزال كهنوتية، بيد أن لمسة من منظر خلوي أو نسمة من الطبيعة. وفي الفسيفساء التي كشف عنها حديثا ديركورا ((مسجد قاهرية الجامع)) حيوية دافقة جعلت المؤرخين الغربيين يعترفون بأنهم يرون فيها تأثيراً إيطالياً جديداً. وتراخت القبضة الكهنوتية عن الصور الجدارية التي حلت محل الفسيفساء، باهظة النفقة في زخرف الكنائس والقصور وظهرت رسوم من الخيال الرحب والقصص الدنيوي إلى جانب قصص القديسين. ومع ذلك تشبث صناع الأيقونات بالطراز الموروث القديم، أشكال ضامرة ووجوه يحرقها ورع طهري غائبة بصورة أخاذة عن أخلاقيات العصر. وتعرض حينذاك تصوير المنمنمات البيزنطي لانحلال كبير، بيد أن نسج الرسوم التصويرية بالحرير ظل ينتج روائع لا تنافس في العالم الغربي ويعود تاريخ ما يسمى ((زنار شارلمان)) إلى القرن الرابع عشر، أو الخامس عشر، ولقد نسج صانع بارع على قاعدة من الحرير المصبوغ بالزرقة صممها فنان، بخيوط من الفضة والذهب، مشاهد من حياة مريم والمسيح وقديسين مختلفين.وتحققت آثار رائعة مماثلة في التصوير على النسيج في ذلك العصر في سالونيك والصرب وملدافيا وروسيا.

وعادت اليونان مرة أخرى مركزاً للفن العظيم. وما كاد القرن الثالث عشر يشرف على نهايته حتى كان الفرنجة الذين نثروا على الأماكن الكلاسية القلاع البهيجة قد أخلوا السبيل للقوة البيزنطية، وفي عام 1348 أرسل الإمبراطور جون السادس ابنه عمانويل ليكون حاكماً على المورة، فأقام مقرة المحلي على تل مشرف على إسبرطة القديمة. فوفد على العاصمة الجديدة نبلاء وأعيان ورهبان وفنانون وعلماء وفلاسفة وبنيت أديرة فخمة، واحتفظت ثلاثة منها في كنائسها، ببعض صورها الجدارية التي ترجع إلى القرون الوسطى: ديرا متروبوليس وبريليبتوس من القرن الرابع عشر وبانتاتسا من أوائل القرن الخامس عشر، وهذه هي أحسن الجداريات في التاريخ البيزنطي الطويل، وهي تضارع خير ما أنتجته إيطاليا في العصر نفسه من الصور الجدارية بدقة رسمها ورشاقة صورها الفياضة وعمق وإشراق ألوانها، والحق، أنها تدين ببعض ما تتسم به من الروعة إلى كيما بووجيوتو أودكشيو - وهم جميعاً يدينون بالكثير للفن البيزنطي. وعلى الشاطئ الشرقي لبلاد اليونان، على ارتفاع قمة ((جبل أثوس)) أقيمت الأديرة في القرن العاشر، وظلت تقام هناك في معظم القرون بعد ذلك في القرن الرابع عشر بانتوكراتور الفخم، وفي القرن الخامس عشر دير القديس بول. ولقد نسب إبان فترة التقهقر ((دليل يوناني للتصوير)) يرجع تاريخه إلى القرن الثامن عشر، أحسن الجداريات إلى عمانويل بانسيلينوس السالونيكي الذي "أظهر تفوقاً وحذقاً في فنه حتى وضع على رأس جميع المصورين القدماء والمحدثين"، وليس من المستطاع التحقق من تواريخ عمانويل وآثاره فقد يرجع إلى القرن الحادي عشر أو السادس عشر، ولا يستطيع أحد أن يجزم بما صدر عن يده من الصور التي فوق جبل أثوس.


صعود العثمانيون: 1265–1328

 
الشرق الأوسط ح. 1263.[2][3][4] المفتاح: الأخضر الداكن: أراضي الدولة العثمانية في 1300s, dotted line indicates conquests up to 1326 القرمزي: الامبراطورية العثمانية الأخضر الفاتح: الأراضي التوركية الأزرق: Cilicia الأحمر/الوردي: الدويلات اللاتينية

وبينما كان الفن البيزنطي يجتاز هذا الوجد الأخير في تاريخه أفل نجم الحكومة البيزنطية. فقد اضطرب نظام الجيش واضمحل الأسطول، وسيطرت سفن جنوى والبندقية على البحر الأسود، وأخذ القرصان يتجولون في الأرخبيل اليوناني، واستولت على غاليبولي (1306) فرقة مرتزقة من قطلونية - "وهي الشركة القطلونية الكبرى" - وفرضت الإتاوات على تجارة الدردنيل، وأنشأت جمهورية من اللصوص في أثينا (1310)، ولم توفق حكومة في القضاء عليهم وتركوا تحت رحمة شططهم. وانضم الباب كليمنت الخامس عام 1307 إلى فرنسا ونابلي والبندقية في مؤامرة لاستعادة القسطنطينية. وفشلت المؤامرة، بيد أن الأباطرة البيزنطيين لبثوا سنوات كثيرة يستشعرون الخوف من الغرب المسيحي حتى لم يكن عندهم من النشاط والحمية ما يدفعون به الزحف الإسلامي وما كاد هذا الخوف يتبدد حتى كان العثمانيون على الأبواب.

مقاومة بيزنطة: 1328–1341

 
The Ottoman Sultanate operated vast numbers of skilled troops and conscripts.

لم تكن هناك حكومة جديرة تماماً بالسقوط كالحكومة البيزنطية.فلم ترسل فرقاً من الجنود إلى الجيوش المسيحية في مارتزا وقوصوه أونيكوبوليس لأنها فقدت الرغبة في الدفاع عن نفسها وعجزت عن إقناع اليونان الممعنين في السفسطة بأن الاستشهاد في سبيل الوطن عمل مجيد ونبيل، فقد جهزت اثني عشر ألف جندي للسلطان عام 1379 والفرق البيزنطية هي التي أجبرت بأمر جون السابع باليولوجس مدينة فيلادلفيا البيزنطية بآسيا الصغرى على التسليم للأتراك (1390). ولما واصل بايزيد حصار القسطنطينيين (1402) كانت الإمبراطورية البيزنطية قد انحسرت في عاصمتها. وسيطر بايزيد على شاطئ بحر مرمرة وتحكم في الدردنيل وحكم معظم آسيا الصغرى والبلقان تقريباً وتنقل في أمن بين عواصمه الأسيوية والأوربية. ويبدو أن الساعة الأخيرة للمدينة المحاصرة قد حانت. وكان اليونان المشرفون على الموت جوعاً يلقون بأنفسهم من الأسوار، ويلجئون إلى الأتراك لكي يطعموا. وفجأة ظهر من الشرق الإسلامي مخلص ((كافر)) للحدود الأمامية للعالم المسيحي. وهو تيمور الأعرج - تيمورلنك الكبير - الذي عزم على أن يضع حداً لنمو القوة العثمانية ووجودها. ولما أخذت حشود التتار تطوي الأرض متجهة إلى الغرب رفع بايزيد الحصار عن القسطنطينية وعاد ليعيد جمع قواته في الأناضول. والتقى التتار والأتراك في أنقرة (1402) فهزم بايزيد ووقع أسيراً وانحسر المد التركي فترة جيل. وبدأ أن الله قد ناصر آخر الأمر المسيحيين.


غزو البلقان والحرب الأهلية: 1341–1371

 
The Balkans and Anatolia in ca. 1355. Byzantium has lost her cities in Asia Minor and Macedonia and Epirus have been conquered by Dushan's Serbia, while the nascent Ottoman emirate has consolidated its hold over Bithynia

ولقد اشترى بعض الأباطرة هلاكهم بأنفسهم. ففي عام 1342 تورط جون السادس كانتاكوزين في حرب أهلية وطلب العون من أورخان سلطان آل عثمان فأرسل إليه أورخان السفن وساعده في الاستيلاء على سالونيك، فما كان من الإمبراطور المعترف بالجميل إلا أن أرسل إليه ابنته تيودورا لتكون زوجة ثانية له، وبعث إليه السلطان بفرق جديدة تتألف من ستة آلاف جندي. وأخذ جون باليولوج على عاتقه أن يخلعه - فما كان من جون كانتاكوزين إلا أن نهب الكنائس القسطنطينية ليدفع إلى أورخان ثمن عشرين ألف جندي تركي آخرين ووعد السلطان بحصن في شيرزونيس بتراقيا، وفي لحطة انتصاره الظاهري انقلب الشعب عليه وعده خائناً، وحولته الثورة في ليلة واحدة من إمبراطور إلى مؤرخ - (1355) فاعتزل في دير، وكتب تاريخ عصره كمحاولة أخيرة لإرباك أعدائه.


الحرب الأهلية البيزنطية والإقطاعية: 1371–1394

 
خريطة الشرق الأوسط ح.1389.[5] Byzantium (purple) consists of little other than Constantinople. Following the occupation of Gallipoli, the Ottomans (Dark Green) rapidly spread across the Balkans subjugating Serbia and giving them a major advantage over their Turkic (Green) rivals in Anatolia.


ولم يجد جون الخامس باليولوج العرش ذلولاً، فذهب إلى روما مستشفعاً (1369)، ووعد، في مقابل ما يقدم له من عون ضد الأتراك أن يدخل شعبه في طاعة البابوية، وأنكر الكنيسة اليونانية الأورثوذكسية أمام المذبح الكبير للقديس بطرس. ووعد البابا إربان الخامس بأن يمد له يد العون ضد الكفار، وأعطاه رسائل إلى أمراء العالم المسيحي، ولكن هؤلاء الأمراء كانوا منصرفين إلى شؤون أخرى. وبدلاً من أن تقدم له البندقية المساعدة المنشودة اعتبرته رهينة في مقابل الديون اليونانية. وأحضر ابنه عمانويل المال المطلوب، وعاد جون إلى القسطنطينية أفقر مما رحل عنها، وأنكره شعبه لأنه حنث بعهده للمذهب الأرثوذكسي. وفشل في محاولة ثانية للحصول على المدد من الغرب، فاعترف بالسلطان مراد الأول مولى عليه، ووافق على أن يمد الجيش العثماني بالمدد العسكري، وقدم ابنه الحبيب عمانويل ليكون رهينة على الوفاء بتعهده وهدأت ثائرة مراد فترة ما وتنكب بيزنطة، وتحول لإخضاع أمارات البلقان.

سقوط فلادلفيا

الإقطاعية

استئناف الأعمال العدائية: 1394–1424

 
Despite his persecution of Christians,[6] Timur saved Constantinople.


 
Along with the humiliation, the Byzantine tribute to the Ottomans of 300,000 silver coins would have been all the more difficult with the economy in decline.


النصر العثماني 1424–1453

 
The Byzantine Empire by 1430. By this point all of its major cities had fallen to the Ottomans who occupied almost half of Anatolia and most of the Balkans


 
The city's largest church, the Hagia Sophia was converted into a mosque. Today it serves as a Museum of Constantinopolitan legacy


 
Byzantium's last years saw the loss of recent territories


واستعادت بيزنطية بفضل حكم عمانويل الثاني السديد، معظم اليونان وأجزاء من تراقية. ولكن محمد الأول أعاد تنظيم الجيش التركي وتحول به مراد الثاني من الهزيمة المنكرة إلى انتصارات باهرة. وكان جنود الإسلام لا يزالون، يستلهمون من اعتقادهم بأن الشهيد في سبيل الإسلام له الجنة. وحتى ولو لم تكن هناك جنة وحور عين، فإن فيهم من الإنصاف ما يجعلهم يرون الجمال في بنات يونان . أما المسيحيون فلم يكونوا على هذا القدر من الأنصاف، فإن اليونان الكاثوليك كانوا يمقتون الرومان الكاثوليك، وكان الفريقان مكروهين بدورهما.ولما أخذ البنادقة يقنصون اليونان الكاثوليك في جزيرة كريت ويعملون السيف في رقابهم انضم البابا أربان الخامس إلى بترارك في تهنئة أمير البندقية على حمايته للكنيسة الواحدة الصادقة (1350) ولقد نفر الشعب وصغار القساوسة من كل محاولة لإعادة توحيد المسيحية اليونانية واللاتينية - وصرح أمير بيزنطي بأنه يفضل أن يرى العمامة التركي في القسطنطينية على القبعة الحمراء لكاردينال روماني. وكرهت معظم الحكومات البلقانية جيرانها أكثر من كراهيتها للأتراك، وآثر البعض أن يخضع للمسلمين، الذين لا يفرضون ضرائب أكثر مما يفرضه الحكام المسيحيون واضطهادهم للهرطقة أقل أو هم لا يضطهدونها على الإطلاق ويسمحون بأربع زيجات.

وفي عام 1422 أعاد مراد الثاني الهجوم على القسطنطينية. وأرغمته ثورة في الولايات البلقانية على رفع الحصار. وسمح لجون الثامن باليولوجس أن يحكم في سلام نسبي بشرط أن يدفع جزية باهظة للأتراك. وأعاد مراد فتح اليونان وسالونيك ومعظم ألبانيا. وقاومت الصرب ببساطة تحت إمرة جورج برانكوفتش، وألحق جيش موحد من الصرب والهنغاريين إمرة هانياد جانوس الهزيمة بمراد عند كونوفتزا (1444) وحكم بارنكوفتش الصرب إلى أن مات بالغاً من العمر تسعين سنة (1456) ووقع مراد، بعد انتصارين من فارنا ووقعة قوصوه الثانية (1448)، صلحاً مع الإمبراطور قسطنطين الحادي عشر باليولوجس وانسحب إلى أدرنة ومات هناك (1451).

ولقد جلس محمد الثاني الملقي بالفاتح على العرش العثماني وهو في الواحدة والعشرين من عمره. وأيد المعاهدة التي أبرمت مع قسطنطين وأرسل ابن أخيه أورخان ليتعلم (وربما ليكون جاسوساً) في البلاط البيزنطي ولما تحدت دول إسلامية أخرى سلطانه على آسيا الغربية جعل جنود يعبرون المضايق وترك ممتلكاته الأوربية تحت إمرة وزيره خليل باشا المعروف بصداقته لبيزنطة. وكان قسطنطين يتحلى بالشجاعة يتحلى بالشجاعة أكثر من الذكاء، فأبلغ الوزير أنه إذا لم يضاعف المعاش الذي يدفع لرعاية ابن أخي محمد فإن بيزنطة ستجعل أورخان مطالباً بالسلطنة العثمانية. ويبدو أن قسطنطين قد رأى أن الثورة في آسيا فرصة لإضعاف الأتراك في أوربا. ولكنه أهمل أن يحافظ على محالفاته في الغرب ومواصلاته بالجنوب. وعقد محمد الصلح مع أعدائه من المسلمين ومع البندقية وولاشيا والبوسنة وهنغاريا. وعبر ثانية إلى أوربا وشيد حصناً منيعاً على البوسفور مشرفاً على القسطنطينية، ومن ثم أمن المعبر المكشوف الذي تحوزه جنوده بين القارتين، وتحكم في التجارة كلها التي تدخل البحر الأسود. وظل ثمانية أشهر يجمع المواد والرجال. واستأجر صناع المدافع المسيحيين، ليصنعوا له أكبر مدفع عرف لذلك العهد، يرمى بقذائف وزنها ستمائة رطل، وفي يونية عام 1452، أعلن الحرب، وبدأ الحصار الأخير للقسطنطينية ومعه مائة وأربعون ألف رجل.

ودافع قسطنطين بعزم اليائس وجهز جنوده السبعة آلاف بمدافع صغيرة ورماح وقسى وسهام وبنادق ساذجة ترمي قذائف من الرصاص في حجم الجوزة، وكان لا ينام إلا لحظات خاطفة، وأشرف كل ليلة على إصلاح ما يصيب الأسوار من عطب في غضون النهار. ومع ذلك فإن الحصون القديمة أخذت تنهار أكثر فأكثر تحت وطأة قذائف المنجنيق ومدفعية الأتراك المتفوقة، وهكذا انتهى تحصين المدن في القرون الوسطى بالأسوار. وفي التاسع والعشرين من مايو شق الأتراك طريقهم عبر خندق مكتظ بجثث قتلاهم. ودخلوا كالموج المتلاطم من فوق الأسوار ومخترقين إياها إلى المدينة التي أخذها من كل جانب، وضاعت حشرجة المحتضرين في طبول الموسيقى العسكرية وأبواقها. وحارب اليونان بشجاعة آخر الأمر، وكان الإمبراطور الصغير في كل مكان من حومة الوغى، واستشهد النبلاء الذين كانوا معه عن بكرة أبيهم دفاعاً عنه. ولما أحاط به الأتراك صاح قائلا: ((ألا يوجد مسيحي يضرب عنقي)). وخلع عن نفسه رداءه الإمبراطوري وحارب كجندي عادي واختفى في طريق جيشه الصغير، ولم يسمع عنه شيء قط بعد ذلك.

وقتل المنتصرون الألوف، حتى توقفت كل محاولة للدفاع. ثم بدءوا النهب والسلب الذي يجنح إليه الظافرون والذي طال تعطشهم إليه، وأخذ كل بالغ ينتفع به في العمل غنيمة، واغتصبت الراهبات كغيرهن من النسوة في ثورة من الشهوة لا تعرف التمييز، ووجد السادة والخدم من المسيحيين بعد أن زال عنهم الكساء الذي يدل على مكانتهم، أنفسهم متساوين فجأة في العبودية التي لا تمييز فيها وكبح جماح النهب والسلب هوناً ما، فعندما رأى محمد الثاني رجلاً مسلحاً تدفعه عاطفته الدينية يتلف الممر الرخامي لكنيسة القديسة صوفيا، ضربه بسيفه الملكي الأحدب، وأعلن أن كل المباني يجب أن تصان لتكون غنيمة ينظمها السلطان. وحولت كنيسة القديسة صوفيا إلى مسجد بعد التطهير المناسب فأزيلت عنها كل الإمارات المسيحية، وطليت فسيفساؤها بالبياض ونسي ما كان عليها خمسمائة سنة، وصعد مؤذن في نفس اليوم الذي سقطت المدينة فيه أو في يوم الجمعة التالي له إلى أعلى برج من أبراج أيا صوفيا ودعا المسلمين للصلاة فيها جماعة لله الناصر؛ وأدى محمد الثاني فريضة الصلاة في أشهر مزار في العالم المسيحي.


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

أسباب هزيمة الامبراطورية البيزنطية

التدخل اللاتيني

 
Romantic portrayal of the "Last Crusader". Increasing Muslim victories, Christian defeats and European transgressions coupled with the Reformation and Counter-Reformation led to the end of the Crusades.


الضعف البيزنطي

نقاط القوة العثمانية

 
The Ottomans combined several different fighting methods and technologies. These Sipahis were exactly unique for western knights due to their weapons and battlefield experiments.


النتائج

هز الاستيلاء على القسطنطينية كل عرش في أوربا. فقد سقط الحصن الذي طالما حمى أوربا من آسيا أكثر من ألف سنة، فإن القوة والعقيدة الإسلاميتين اللتين أمل الصليبيون فر ردهما إلى داخل آسيا، قد شقتا الآن طريقهما على جثة بيزنطة، وعبرتا البلقان إلى أبواب هنغاريا؛ ورأت البابوية، التي حلمت بإخضاع جميع المسيحيين اليونان لحكم روما، بفزع سرعة تحول الملايين من سكان جنوب شرقي أوربا إلى الإسلام. وأصبحت طرق التجارة التي كانت مفتوحة في يوم من الأيام للسفن الغربية في يد أجنبية، تفرض عليها المكوس في وقت السلم أو تسدها المدافع في وقت الحرب، وهجر الفن البيزنطي موطنه ولجأ إلى روسيا. بينما اختفى تأثيره في الغرب بالقضاء على عزمه. وأخذت هجرة العلماء إلى إيطاليا وفرنسا، التي كانت قد بدأت عام 1397، تزداد وتثمر في إيطاليا الدعوة إلى إنقاذ اليونان القديمة. وإذا أخذنا بوجه من الوجوه فإنه لم يضع شيء، إلا أن الموتى قد ماتوا. فقد أتمت بيزنطة دورها، وأسلمت مكانها، في موكب الإنسانية الذي يتألف من البطولة والقتل ومن النبل والخسة.

انظر أيضاً

المصادر

  • Bartusis, Mark C. (1997), The Late Byzantine Army: Arms and Society 1204–1453, University of Pennsylvania Press, ISBN 0-8122-1620-2 
  • R.G. Grant, Battle: A Visual Journey Through 5,000 Years of Combat, Dorling Kindersley Publishers Ltd, 2005.
  • Philip Sherrard, Great Ages of Man: Byzantium, Time-Life Books
  • Madden, Thomas F. Crusades: the Illustrated History. 1st ed. Ann Arbor: University of Michigan P, 2005
  • Parker, Geoffrey. Compact History of the World. 4th ed. London: Times Books, 2005
  • Laiou, Angeliki E. (1972), Constantinople and the Latins: The Foreign Policy of Andronicus II, 1282–1328, Harvard University Press, ISBN 674-16535-7 
  • Mango, Cyril. The Oxford History of Byzantium. 1st ed. New York: Oxford UP, 2002
  • Nicol, Donald MacGillivray (1993), The Last Centuries of Byzantium, 1261–1453, Cambridge University Press, ISBN 978-0-521-43991-6, http://books.google.com/books?id=y2d6OHLqwEsC 
  • Treadgold, Warren T. (1997), A History of the Byzantine State and Society, Stanford University Press, ISBN 0-8047-2630-2 
  • Vryonis, Speros S. (1971). The decline of medieval Hellenism in Asia Minor: And the process of Islamization from the eleventh through the fifteenth century. University of California Press. ISBN 978-0-520-01597-5.

الهوامش

  1. ^ ديورانت, ول; ديورانت, أرييل. قصة الحضارة. ترجمة بقيادة زكي نجيب محمود.
  2. ^ خطأ استشهاد: وسم <ref> غير صحيح؛ لا نص تم توفيره للمراجع المسماة Madden, Thomas F pg 162
  3. ^ Grant, R G. Battle: a Visual Journey Through 5000 Years of Combat. London: Dorling Kindersley, 2005 pg 93
  4. ^ Shepherd, William R. "The Byzantine Empire in 1265." Perry-Castañeda Library. 1926. University of Texas Libraries. June 15, 2007. See [1].
  5. ^ خطأ استشهاد: وسم <ref> غير صحيح؛ لا نص تم توفيره للمراجع المسماة compact-70
  6. ^ Compact History, p. 61