أبو عامر ابن عبدوس

أبو عامر ابن عبدوس، هو وزير أندلسي في عهد المعتمد بن عباد.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

سيرته

حكاية العشق التي ربطت ابن زيدون بولاّدة بنت المستكفي في ذروة ازدهار الأندلس، حتى شبّهها البعض بقصة روميو وجوليت، تعرضت لعواصف ليست يسيرة كانت بمثابة الزلزال الذي هزُّ عرش هذا العشق.

فحين فتحت ولاّدة صالونها الأدبي كان عشاق الشعر والموسيقى الذين يرتادونه يزداد عددهم يوما بعد يوم. وفي هذا الصالون دخل ابن زيدون كشاعرٍ مبتدأ قبل أن يذيع صيته كأشهر شعراء الأندلس. فأعجبت ولاّدة بشخصيته الآسرة وفصاحته وجمال شعره ووسامته أيضًا وربطتهما علاقة حب عارمة. وقيل أن ابن زيدون تعلّق بجارية سوداء ماهرة وعذبة الصوت في الغناء، ويقال انه فعل ذلك ليثير غيرة ولاّدة حين رآها تقترب من شاعر بسيط، يفتقد للوسامة ويميل إلى القبح اسمه الوزير أبي عامر ابن عبدوس، على الرغم أن ابن عبدوس كان قليل الذكاء وواسع الثراء وثقيل الدم، وأرادت ولاّدة ان تجازيه على فعلته غيرةً وغيظًا، فكتبت له ولاّدة

لو كنتَ تنصفُ في الهوى ما بيننا

لم تهوَ جاريتي ولم تتخيّرِ

وَتركتَ غصنًا مثمرًا بجماله

وجنحتَ للغصنِ الذي لم يثمرِ

ولقد علمت بأنّني بدر السما

لَكن دهيت لشقوتي بالمشتري

حاول ابن زيدون أن يعيد المياه إلى مجاريها وينال عطفها لكنه رفضته رفضًا قاطعا. شعر ابن زيدون بالغيرة والغضب فكتب رسالة طويلة في وصف الوزير ابن عبدوس وأرسلها على أنها على لسان ولاّدة، نذكر مقاطع بسيطة منها:

«اما بعد،، أيها المصاب بعقلهِ، المورط بجهلهِ، البين سقطهِ، الفاحش غلطهِ، العاثر في ذيل اغترارهِ، الأعمى عن شمس نهارهِ، الساقط سقوط الذباب على الشراب، المتهافت تهافت الفراش في الشهاب.....».

«هجين القذال، ارعن السبال، طويل العنق والعلاوةِ، مُفرط الحمق والغباوة، جافي الطبع، سيئ الإجابة والسمع، بغيض الهيئة، سخيف الذهاب والجيئة، ظاهر الوسواس، منتن الأنفاس، كثير المعايب، مشهور المثالب، كلامكَ تمتمة، وحديثُك غمغمة، وبينك فهفهة، وضحكك قهقهة، ومشيُك هرولة، وغناك مسألة، ودينُك زندقة.....».

فغضبت ولاّدة وكتبت له قصيدة مليئة بالكلمات النابية التي لا يمكن نشرها ووصفت ابن زيدون فيها بـ«المسدس»:

ولقبت المسدس وهو نعتٌ

تفارقكَ الحياةُ ولا يفارقُ

فلوطيٌ ومأبونٌ وزان

وديوثٌ وقرنان وسارق

وبدأ ابن عبدوس ينسج المكائد لابن زيدون، ليبعد غريمه عن ولاّدة فأوقع به عند الملك أبي الحزم بن جهور ليخسر منصبه كوزير، واستمر يلاحق ابن زيدون حتى أدخله إلى السجن ليعاني القهر والأسى. وتمكّن ابن زيدون من الهرب من السجن ولجأ إلى أشبيلية ليعمل مع المعتضد بن عباد ملك الأندلس ووالد المعتمد بن عباد الذي منحه الرعاية وقرّبه إليه. ومن هناك بعث نونيته الشهيرة إلى ولاّدة معبرًا عن شوقه وحبه:

أَضحى التَنائي بَديلاً مِن تَدانينا

وَنابَ عَن طيبِ لُقيانا تَجافينا

أَلاّ وَقَد حانَ صُبحُ البَينِ صَبَّحَنا حَينٌ

فَقامَ بِنا لِلحَينِ ناعينا

مَن مُبلِغُ المُلبِسينا بِاِنتِزاحِهِمُ

حُزنًا مَعَ الدَهرِ لا يَبلى وَيُبلينا

أَنَّ الزَمانَ الَّذي مازالَ يُضحِكُنا

أُنسًا بِقُربِهِمُ قَد عادَ يُبكينا

استقر ابن زيدون في اشبيلية بعيدًا عن حب حياته وعشقه المجنون وتزوج وأنجب.[1]وحين بلغ من العمر عتيًا زار قرطبة، ربما ليزور أطلال عشقه القديم، وحيث تقيم ولاّدة وكان أول ما فعله هو زيارتها في منزلها لكنها رفضت مقابلته، ويقال إنها فعلت ذلك كي تظل صورتها في ذاكرته كما كانت فاتنة الفاتنات ولم ترغب أن يراها وقد غادرها الجمال. توفى ابن زيدون قبل ولاّدة بعشرين سنة. ولكنها دفنت بجانب قبره في المغرب، بناءً على طلبها، وقد حفرت على قبره قصيدة لولاّدة:

«أغارُ عليكَ من عيني ومنِّي

ومنكَ، ومن زمانكَ والمكانِ

ولو أني خَبَـأتُكَ في عُيـوني

إلى يوم القيامةِ مـا كَــــفاني»


المصادر

  1. ^ "وهج الكتابة: ابن عبدوس.. غريم ابن زيدون". أخبار الخليج. 2021-02-10.